الرئيسية إينَـاسِّيات … ثمّ أتى الحجّ/4

… ثمّ أتى الحجّ/4

بواسطة إيناس مليباري


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

mina3

(12)

بين جمرَتي الصغرى والوسطى، وقفتُ أدعو، أجرى الله على لساني، أسماء أشخاص، لم أعدْ أتذكر وجودهم! انقطعتْ أخبارهم عنّي! دعوتُ لأطفالي الأربع والعشرون، ولكني طامعة بالمزيد، عددتُ منهم بأسمائهم، وصلتُ حتى الطفل العاشر، ولم أتذكر الباقي! ياربّ، تُطلق لساني لأناس اندثروا لسنين طويلة، والقريبون يا الله يندثر ذكرهم؟ أيقنتُ أن الدعاء، رزق! يعلّم الله قلبك، بأن مخططاتك وقائمة دعواتك الطويلة، لن تفيدك، ما لم تسأله أن يلهمك ويوفقك ويفتح لك بالدعاء، فياربّ هيئ لنا من يذكرنا، ويدعو لنا بخير.

(13)

اليوم، يرحل المتعجّلون، يرحلون عنّا، يعودون لأوطانهم، ولأولادهم، كان رحيلهم قاسٍ، تركوا فراغ كبير، موحش، مُقفر! وهذا حال العباد، راحلون إلى الله، يصطفيهم الله، فيرحلوا عن دنيانا، يتركون فراغًا في قلوبنا، كان وجودهم، يحشو هذا الفراغ، ورغم قساوة الرحيل، وازدياد مساحة الفراغ، إلا أن الحياة سائرة، بدونهم، رغم حبنا لهم! نمنا تلك الليلة، ليلة رحيلهم، كما نمنا بوجودهم، بيننا، تناولنا وجباتنا، ويبدو أننا نسينا وجع رحيلهم! هكذا خلق الله لنا الحياة، وهكذا سيّر قلوبنا! تستعجب من تقلبات مشاعرك للأمرِ الواحد، خلال يوم واحد أو ليلة واحدة فقط! يارب اجعلنا ممن تعجّل لرضاك، (وعجلتُ إليكَ ربّي لترضى).

(14)

في آخرِ أيام التشريق، أغلب الحجاج، تحرّكوا قبيل الظهر؛ لرمي الجمرات، كنّا هناك في تمام الساعة الثانية عشر، كان المنظر مهيب، مهيب بالفعل! أُمم من الناس، جالسة أمام الجمرة الصغرى! ينتظرون حلول وقت الزوال، ما الذي يمنع أحدهم من أن يرمي سبع حصيات، ويمضي؟! ياربّ كلهم مُمتثلون لشرعك، فياربّ ارضَ عنا وعنهم، كانت دقائق قصيرة، لكنهم، كانوا مستسلمين بحقّ! يارب نفعل كما أمرتنا! يارب ارزق قلوبنا الخشية، والصدق في القول والعمل.

(15)

بعد رمي الجمرات، بدأت طقوس الرحيل الموجعة، ترى نفسك تتأهب طوعًا للرحيل، ويشاركك التأهب، مَن حولك، كلّ من في مِنى، الكل مشغول، يتأكد من أنه لم ينسَ شيئًا؛ لأن العودة عسيرة! اليوم، قبل أن نرحل، نحزم حاجياتنا، لكن يوم أن يكتب الله لنا الرحيل الحقيقي، غيرنا سيحزم حقائبنا، سيتصرف بها أنّى شاء! يُكرِم الله المتأخرون بمشاهدة تفاصيل الرحيل؛ لتكون عبرة وعِظة! تُخلع أبواب المخيمات، تتزاحم الحافلات، حتى رجال الأمن، تراهم مشغولون بترتيب حاجياتهم؛ هذا يحمل فراشه، وآخر يبحث عن حذاءه الثاني، الكل مشغول، يذكرك انكباب كلّ واحد بنفسه، بحالنا يوم الحشر الأكبر! لن تكون متفرغًا لأن تحادث فلان أو تسأل عن حاله، أو حتى تغتابه! ياربّ اجعلنا من الذين ينشغلون مع عيوب أنفسهم، فيُسارعون بإصلاحها.

يتبع..

You may also like

2 تعليقات

نجود 30 سبتمبر 2015 - 8:39 م

ما أجملك!

Reply
فاطمة جاوي 1 أكتوبر 2015 - 7:34 م

الدعاء الهام من الله 👍👍

الله يتقبل منكم وحجا مبرور بإذن الله💞💞

Reply

اترك تعليقا