♠
♥
بسم الله الرحمن الرحيم
متناثرةٌ هي في كل مكان ، مهما حاول الإنــسان إحصاؤها فلا بد من بقاؤها على الأرض .. تنتظر من يحملها ويصنع منها شيئاً يستحق الذكر .
الأشياء الصغيرة من حولنا في كل مكان ، تنتظر من يحركها يُمنة ويُسـرة .. من يصنع منها ” كبسة فكرية ” بعد أن كانت ” فتات سكر ” ! وبناء على المقولة : أن تفعل عملاً في منتهى الصِغــر خير لك من أن تفعل ” لا شيء ” ، يُمكننا أن نُدرك بأن من أهم العناصر لتحريك ” الحياة ” برمتها هو :
[ اليــــــــــد ]
لليد قارات أخرى غير تلك التي قررنا أن تقطن فيها أيادينا بمحض إرادتنا ، فاليد للأكل والكنس ولـ ” حك الشَعَر ” ويقتصر فعل الأمور السابقة بفعل حاجتنا الماسة لها ، كما ذكر ماسلو في هرمه المعروف تلك القارات التي لم تُكتشف بعد رُغم أنها تحمل نفس المكونات ” أكل وكنس .. الخ ” إلا أن بواطنها تختلف جذريــاً عن قارتنا اليدوية.
كُل لتُؤجر :
فحينـما نأكل صنوف الطعام ، باغين بذلك إشباع حاجتنا للأكل ، فالأجر يلاحقنا مع كل لقمة أخذت مجراها في بلعومنا ! يقول صلى الله عليه وســلم : ” ما أطمعتَ نفسك فهو صدقة لك ” .
ويقول تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعـامه ) وفي هذا إشارة إلى تأمل الإنسـان إلى طعامه كونه ثلاثي الأبعـاد ، وليس مجرد عملية تجريدية تُرى من منظور واحد .. سطحي !
فلسفة القبض والبسط :
قبضٌ وبسط ، تضادات تعكس واقع الحيـاة ، فأحياناً تبدو لنا الحياة بمظهر ” الحاتمية ” فتعطينا وتعطينا حتى أن الأشياء بدت تنزلق من بيننا لكثرة عطاياها وهي في هذه الحـالة تمثل حالة البسط ، وأحياناً أخرى تظهر لنا بـمظهر الحياة ” الشحيحة ” عندها نكون كـالفقراء ، وجيوبنا تقطر فراغاً وترجو امتــلاء ، وهذه الأخرى تمثل حالة القبض ..
هذه الفلسفة العريـضة ، تُلخِّصها لنا أيادينا التي منحها الله صفة القبض والبسط ، فتذكرنا بحالة الدنيــا وضرورة الرضا بالقضاء بخيره وشره أو كما أحب أن أسميه بـ ” سكره و ملحه ” .
يدُ الله :
من الأشياء التي خـلقها الله بيده : الجنة ، العرش ، الإنســان ، وفي روايةٍ أخــرى القلم أيضاً.
حِــرف الأنبياء :
ولأنهم رضوان الله عليهم ، يمثلون لنا قاعدة أساسية في إبراز المحاسن الأخلاقية ، فهذه بعضٌ من كل .. لتقدير مكانة اليد منذ قديم الأزل
- آدم عليه السـلام : عمل في الزراعة ليقتات منها
- إدريس عليه السلام : عمل الثياب ذوات الأكمام
- نوح عليه الســـلام : غرس الشجر وتقطيعه وتجفيفه
- زكريا عليه السلام : ينجر الخشب ويستصلحه
- محمد عليه الصلاة والسلام : عُرف بالاحتياط المهني ، فقد قالت عائشة رضي الله عنها : ” كان صلى الله عليه وسلم يعمل عمل البيت وكثيراً ما يعمــل بالخيــاطة ”
أحاديث الحِرَف :
- سُئل صلى الله عليه وسلم : ” أي الكسب أفضل ؟ ” فقال : ” عمل المرء بيده ”
- قال صلى الله عليه وسلم – : ” على كل مسلم صدقة ، فإن لم يجد فيعمل بيده ، فينفع نفسـه ويتصدق ”
- قال صلى الله عليه وسلم – : ” ما أطعمتَ نفسك فهو لك صدقة ”
- قال صلى الله عليه وسلم – : ” من أمســى كالاً من عمل يده ، أمسـى مغفوراً له ”
الصحابيات حرفيات ومهنيات :
- أم المؤمنين زينب (أم المساكين ) : تعمل وتأكل من يدها ، عملت في دبغ الجلود وخرزها وتزيينها ثم تبيعها وتتصدق بكامل الثمن لوجه الله تعالى على اليتيمات والأرامل بالمدينة المنورة .
- زينب زوجة عبد الله ابن مسعود : عمل الأواني والفخار ، وكانت تنفق منه على زوجهـا وولدها .
- ردينة البحرينية : صانعة رؤوس الرماح حتى عُرفت باسمها ، فكان يُقال ” رماح ردينة
يـا الله ، ما أعظمك .. حتى أعضاؤنا التي نحملها – وتحملنا – تتواصل معنا ! وتهبنا رسائل .. تُذكرنا إن سهينا وتُرشدنا إن أخطأنا ! بل وبِفضلها – بعدك – تُصحِحنا إن اعتللنا ، وذلك ما جسَّده حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن العاص حينما شكا وجعاً يجده جســده
فقال له صلى الله عليه وسلم : ” ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأُحاذر ” .
نهاية ، [ الإنســان كاليد وعمله هو البـــصمة ]
” وَشْوَشـة يدوية ” :
أَبسِــــطنـي وَ لا تَقـبضنـي
اِعمُـــــر بي ولا تُفســـدني
ربِّـــــــنــي ولا تُــــــدمِّرنــي
اِسمعــني ولا تَتَجاهَلَنـي
أحْيِـــــــــنِي ولا تُمِتْنِـــي !
* الكثير مما ذُكر في هذه التدوينة ، هو من فضل د. علي أبو الحســن – بعد الله – في محاضرةٍ له بعنوان ( سياحة يدوية ) فجزاك الله يا أبا الحســن خير الجزاء وأدخلك الجنـة من أي بابٍ تشــاء .
♦
♣
إينــــاس
9 تعليقات
شكرًا لك إيناس ..
أحببت الجمال هنا كثيرًا 🙂
قال صلى الله عليه وسلم – : ” من أمســى كالاً من عمل يده ، أمسـى مغفوراً له ”
و ماذا أيضًا ؟ رحمته تغطينا .. الحمدلله ..
‘
وأي رحمةٍ تلك التي اصطفينا بها عن سائر المخلوقات 🙂
وشكراً لوجودكِ يا نبض ‘‘
تأملتــها كثيرًا ..
ايقظتني كلماتك هذه من عمق الـ ـسبات ..
فـ غفلتنا عن ” عطايا الرب ” وقلة ” الشكر ”
.. ذنب نرجو غفرانه ..
فـ اليد من اعظم عطايا الله عزوجل
فهي ” ُقوت ” الحيـــاة ومكمن ُقوَتِها ..
والعجيب كما ذكرتِ انها هي الدواء ايضًا ..
فـ سبحانك خالقي ..
عظيم امتنان لهذا الفِكْر وصاحبتــه ..
وجزاك المولى اجرك وزيادة ..
ُطهـر ..
‘
كثيرةٌ هي الذنوب التي نرتكبها عن غير قصد أيتها الطهر ‘‘
ومن عطايا الرب أيضاً العفو بلا نهاية !
وبُوركتْ يداكِ أيضاً يا حـبيبة على تعقيبكِ ‘‘
ولاحُرمتكِ يــارب =)
‘
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ذاتُ العجب الذي أصابك أصابني فور علمي بالحديث : )
.. ولا تزال في شريعتنا الكثير من الأمور التي بحاجة إلى من يكشف غطاءها فقط بمجرد التأمل والبحث ‘‘
وعميق شكر لـ متابعتك أيها الفـاضل ..
وودٌ لا يبور ‘‘
محاضرة جدا شيقة,
ايناس اسلوبك جدا رائع
ومدونة مبدعة
يسعدني أن تحتوي جامعتنا على فتيات رائعات مثلك
دمتي بود
(:
‘
أسعدكِ الباري حبيبــتي : )
سعيدةٌ بتواجدكِ الرائع ، كـ أنتِ ‘‘
شكراً من الأعماق ‘‘
ودٌ لا يبور
شعرت بكوني أمتلط يداً لما أشعر بها وأمتلكها من قبل!
الخوض بالتفاصيل الصغيرة يجعلنا نشعر بالإمتنان لذيك التفاصيل.
عمرك مبارك صديقتي (F)
‘
صدقتِ عزيزتي : )
فـ التفاصيل تبرز لنا الأمور العِظام !
وشكراً لوجودك غاليتي ،
ودٌ لا يبور