الرئيسية كَوبُ حَيـاة أدومها وإن قلّ

أدومها وإن قلّ

بواسطة إيناس مليباري

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

waterdrop

 

تتوقعوا ما معنى ” أدوَمها وإنْ قلّ ” ؟  كان ذلك ما سألتهم إياه في محاولتي لشرح حديثه صلّى الله عليه وسلم : ” أحبّ الأعمال إلى الله أدوَمها وإنْ قلّ ” ،  لم يعرف أحداً منهم شيئاً ، أخبرتهم أن الله يحب عمل الخير حتى لو كان قليلاً أهم مافي الأمر أن يكون دائماً ، أن نفعله طوال اليوم ، على مدار أيام الأسبوع ، ذكرتُ لهم مثال لإنسان قرر ختم القرآن في يوم واحد وفي جلسة واحدة ليأخذ حسنات كثيرة ! وفعلها ! لكنه لم يفتح القرآن بقية أيام الأسبوع ، سألتهم هل ما فعله خير له أم لو قرر أن يقرأ آية أو صفحة من القرآن كل يوم ؟ تتوقعوا لماذا الخيار الثاني أفضل له ؟ وضحّتُ لهم أن الله يحبّ سماع صوت العبد حين يقرأ الآيات . فعل الخير يجعل قلب فاعله موصولاً بالله . ذلك ما حاولتُ إيصاله لهم  في زحام الحياة ومُنعطفاتها الضيقة ، تنزلق أشياء منّا دون وعيّ بانزلاقها ، مما يجعلنا نستمرّ في زحامنا ، دون أن نفتقد شيئاً منّا ، دون أن نفتقدنا ! يمرّ اليوم تلو اليوم ، ولازلنا نحو حياتنا ، نلهث ، وخلف ملذاتنا نحاول أن نسدد ونقارب ! وشيء منّا ثمين مفقود .. أوشَك أن يبتعد .. كلمّا اقتربنا من أن نسدد ونقارب من حوائجنا التي لا تًنقضي وملذاتنا التي كالسبحة التي ما إن انفرطت حتى تناثرت واحدة تلو الآخرى ! شيئنا المفقود ينتظر حيث فقدناه ، منذ اللحظة الأولى ، لكلّ واحد منّا لحظة فَقْد أولى إذا استرجعها ، سيُدركها ادراكاً جيداً.

حين يغيب عن الإنسان ما كان يألفه في نفسه ، فله مسلكان : إما أن يلحظ غيابه ، فيتجاهل ، تظهر الفجوة بينه وبين نفسه ، يُبنى الحاجز ، يبدو السلوك الذي كان يمارسه بسهولة في السابق ، عسيراً عليه في الوقت الراهن ! كلّ ذلك بسبب عُسر جهاد لحظة فقده الأولى لنفسه !  والثانية أن لا  يلحظ شيئاً  ، فيخبره به من حوله ، فيتّنبه له ، فيلتفت للوراء ، يتلمّس لنفسه التي فقدها ، ليجدها في أي بقعة تركها .

أودع الله في كلّ إنسان شيئاً طيباً مميزاً عن غيره ، يُجيده بطريقة لا يُحسن أداؤها من حوله كما يُحسن أداؤها هو ، لذا فالله إما أن يجعله يلحظ غياب هذا الخير الطيب في نفسه ، أو يسخّر له خيرة خلقه فيُرشدون ضلالة نفسه . حكمة الله من كلّ هذا أن يخبره أنك يا ابن آدم مُحاسب فيما أودعته من الخير ” القليل ” فيك ، العظيم بنيّتك وبصدقك معي ، حافظ يا ابن آدم على خيّريتك !

خيركَ القليل ، هو النهر الذي يشرب منه شخص آخر في مكان آخر ، خيرك القليل الذي قد تفكر بفعله وقد لا تفعله كسلاً ، قد يعني ضلال إنسان ما اهتدى بسبب كلمة طيبة ، خيرك القليل الذي لا تُلقي له بالاً ، قد يكون شفيعاً لك يوم القيامة . 

ما يهمني قوله في النهاية ، الخير القليل فينا ، علينا أن نقدمه لأنفسنا ولمن حولنا وكأننا المالكون الوحيدون لهذا الخير ، عليك أن تتخيل بأنك لو لم تقم بالخير الذي أودعه الله فيك أنت بالذات ، فلن يقوم به غيرك ، أتعلم لمَ ؟ لأنه ببساطة لا أحد يُجيد ذلك الأمر ، عداك ! تخيل ذلك ! لكن لا تخبرهم جهراً . 

انوِ بهذه التدوينة العودة للتدوين بإذن الله بعد انقطاع أخاله سنين عجاف ! شكراً لكل من دفعني دفعاً لكي أدوّن ، وعذراً لكل مُنتظِر طال انتظاره 

You may also like

4 تعليقات

بيان .. 17 أبريل 2014 - 1:09 ص

عودًا حميدًا .. وقلوبا مُنتشية بعزفك الذي ﻻ يجيده عداكِ. ( )

Reply
إيناس مليباري 22 أبريل 2014 - 12:06 ص

بيان ؛
ادعمي العازفة بالدعاء ، بالثبات ، والله ولي التوفيق لجميع المسلمين : )

لؤلؤة ؛
أهلاً بك ، ادعميني بالدعاء ، وسأكافح ، لأكتب ، أحيا .. ما حييت بأمر من الله : )

Reply
لؤلؤة 17 أبريل 2014 - 6:42 م

عودا حميدا غاليتي.. لا حرمنا كتاباتك القيمة

Reply
رداد السلامي 26 ديسمبر 2022 - 1:08 ص

حفظك الله أختي الكريمة وزادك علما وتقوى وفهما

Reply

اترك تعليقا