الرئيسية غير مصنف كلام المنّان – 3

كلام المنّان – 3

بواسطة إيناس مليباري

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( أيودّ أحدكم أن تكونَ له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضُعفاء فأصابها إعصارٌ فيه نار فاحترقت . . ) البقرة : 266

وهذا المثل مضروب لمن عمل عملاً لوجه الله تعالى من صدقةٍ أو غيرها ثم عمل أعمالاً تُفسدها ، فمثلهُ كمثل صاحب هذا البُستان الذي فيه من كل الثمرات ، وخصّ منها النخل والعنب لفضلهما وكثرة منافِعهما ، لكونهما غذاءً وقُوتاً وفاكهة وحلوى ، وتلك الجنة فيها الأنهار الجارية التي تُسقيها من غير مؤنة ، وكان صاحبها قد اغتبط بها وسرّته ، ثم إنّه أصابهُ الكبَر فضعفَ عن العمل وزاد حرضه ، وكان له ذُريّة ضُعفاء ما فيهم مُعاونة له ، بل هم كَلّ عليه ، ونفقتهُ ونفقتهم من تلكَ الجنّة ، فبينما هُو كذلك إذ أصابَ تلك الجنة إعصارٌ وهو الريح القويّة التي تستدير ثمّ ترتفع في الجَو ، وفي ذلك الإعصار نار فاحترقتْ تلك الجنّة ، فلا تسأل عمّا لقيَ ذلك الذي أصابه الكبر من الهمّ والغمّ والحزن ، فلو قدر أن الحزن يقتل صاحبه لقتَله الحزن ، كذلك من عمل بمنزلة البذر للزروع والثمار ، ولا يَزال كذلك حتى يحصلَ له من عمله جنّة موصُوفةً بغاية الحُسن والبهاء ، وتلك المُفسدات التي تُفسد الأعمال بمنزلة الإعصار الذي فيه نار ، والعبدُ أحوج ما يكون لعمله إذا مات وكان بحالةٍ لا يقدر معها على العمل ، فيجد عمله الذي يؤمل نفعَه هباءً منثوراً ، ووجد الله عنده فوفّاه حسابه .

You may also like

اترك تعليقا