♥
السّــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتيتكم من الصفحة السادسة والعشرون – إلى ماشاء الله من الصفحات – من كتاب كيمياء الصلاة ( 4 ) – فيزياء المعاني ، للدكتور أحمد خيري العُمري ، أتيتكمْ بما هُو يُستعصى أن أخطّه كما أرى ! كلّ ما في الأمر أن هذا العُمري يُلهمني كثيراً ولا أجدُ بداً من أن أكتبهُ كثيراً ! غير أن هذه المرّة – استثنائية – قمتُ باقتباسات نصيّة بلا أي تحريف أو تحوير ! عدا تقدّم بعض الجُمل على أخواتها ! هنا لن أتحدث عن الكتاب عن بكرة أبيه ، ما سأتحدث أو ما سيُحدثكم عنه هذا العُمري هو عن هيئة الصّلاة الأولى ( وضع الكفّ اليُمنى على اليُســرى ) .
♥ اليمين عَلى الشمال :
صحائفُ أعمالنا .. ستُقدّم لنا بأيمانُنا : ” فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيه ”
ولأنّ الكتاب الّذي يقدم باليمين ، يُحدد موقع الشّخص آخروياً ، باتّجاه اليمين ، فإنّ اليمين صار موقع أولئك الفائزين يومها ! وفي هذا يقول جلّ شأنه : ” وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ” . ولهذا فإن أصحاب الميمنة ، وأصحاب اليمين هُم أولئك الّذين انشغلتْ أيمانهم – في الدّنيا – بُصنع دُنيا أفضل ، بصُنع عالم بشروط أكثَر عدالةً وتوازناً .اليمين في الآخرة ، مُرتبطة باليمين في الدّنيا .. على الأخصّ بعمل هذه اليمين ، بما بَنته .. أنتجه ، شيّدته .
♥ اليمين مصداق للرأس :
ارتباط اسم الموقع الآخروي باليمين ، باليد عُموماً يعني أنّ حيازة هذا الموقع ، تتطلّب عملاً يدوياً يصدق ما كان في العقل .. أو في القلب إن شئتم . إنّه أن تعملَ وفق ما تُؤمن به ، لا أن تتركَ إيمانكَ بفكرة مُحلّقاً في بُرج عاجي ، أو في قفصٍ تحمله في رأسك ! .
♥ من اليمينِ بدأ الأمـــر :
من أهّم النبوءات عبر التّاريخ ، جاءتْ من الجانب الأيمن أيضاً :
” وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ” .
” فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ” .
اختارَ الله الشاطئ الأيمن ، ليُوحي إلى مُوسى ليبدأ من وحيه .. من هُناك ! لقد اختَــار الجانب الأيمنْ ليدلف الوحي منه إلى قلبِ مُوسى وعقله وكلّ كيانه .
وهذه أيضاً : ” وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ” اليمين مُجدداً !
ما في يمين مُوســى ، سيكون له مآرب أُخرى فعلاً ! مآرب أكبر بكثير من تفاصيل الحياة الصّغيرة ، ما في يمينك يا مُوسى له دُور في تغيير العالم من حولك ..ما في يمينك يا مُوسى سيقُود الثّورة ضدّ فرعون وسيقود عملية الإصْلاح الاجتماعي لقومك . ونحنُ نعرف ما جرى ، مع ما في تلك اليمين .. مع السّحرة ، مع فرعون .. ومع ذلك البحر ؛ يوم انشّق البحر ليسهل الخروج ، وكلّ ذلك مرّ بما في اليمين .
♥ الأنثروبولوجيا تتحدث :
أشار العُمري إلى أن فكرة ” اليمين ” كرمزٍ للخير والصّلاح عميقة جداً في التّراث الإنساني عُموماً ، في حضارات كثيرة ! مثل مفهوم التاغترا الهندوسي ، الموروث اليهودي أيضاً !
♥ وللبيولوجيا قولُها في اليمين :
تشريحياً فإنّ دماغ الإنسان له شقّان ، أيمن وأيسَر . الشق الأيمن يكون مُهيمناً أكثر في العمليات التي تتطلب الحدس ، والخيال ، والإبداع .بينما الشقّ الأيسر من الدماغ يكون مُهيمناً أكثر في العمليات التي تتطلّب التحليل ، والربط بين التفاصيل ، وقواعد اللغة ، والمنطق بشكلٍ عام . مع التوضيح بأن : كل شقّ من الدماغ يُسيطر عضلياً على الجهة المُعاكسة من الجسم ، أي أنّ الشق الأيسر من الدماغ ، يتحكّمبالشق الأيمن من الجسم والعكس صحيح .
إذاً المنطق = اليمين !
♥ ماذا عن الشّمـال ؟
لكل ” يمين ” شمالها ، لا بدّ أن يكون لها شمال ! لكل قيمة إيجابيّة لها وجُود حقيقي ، لابدّ أن يكون هُناك قيمة مُضادّة سلباً ، لا ” مُطلقات “في عالمنا هذا . لذلك وكما أن ” اليمين ” يرتبط بكلّ ما ذكرناه من معانٍ وقيم . فكان ولا بدّ أن يكونَ هُناك مُناظِر – سلبي – لليمين ومعانيه وقيمه ! فكان الشمال .. جُزءاً من حقيقة الأشياء .
♥ تقدم اليمين لا يلغي الشمال :
ليس هُناك أبداً أي دعوة في القُرآن على بتر الشمال ! إنّما هُناك تقنين وضبط لاستعمالها ” كرمز ” لما يجب السيطرة عليه .ولذلك فإننا نَرى وُجوداً إيجابياً للشمال أيضاً ؛ لكن مع تقديم اليمين عليها فقط .
♥ إبليس يدخل من الفصل بين اليمين والشمال :
” ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ” وكأنّ الوعيد هُنا يُشير إلى أنّ نُقطة دخول إبليس تستغل انفصال اليمين عنْ الشمال ، أمّا عندما يلتحم الاثنان معاً فإنّ ذلك يُشكل سداًَ منيعاً ، لا أقول : إن إبليس لن يتمكّن من اختراقه . لكنه ..سيكون بالتأكيد أصعب ممّا لو كانت اليدان مُنفصلتين .
4 تعليقات
في بادئة الأمر .. اعذريني يا ايناس لتغيبي عن سمفونيتك الرائعة
:::
اليمين وما أدراك ما اليمين …
بدأ بها موسى عليه السلام ونختم بها بإذن الله في الجنة
يبدو أن هناك العديد من العُمري في المنطقة P: >>>
ويبدو أن هذا العمري متميز ومبدع … وملهم
بوركت أناملك أختاه
وجزاك الله خيراً عن قلمك المبدع المتميز
تحياتي وتقديري
المقداد جميل
فلسفة جميلة كهذه تُحيي فينا الكثير من معاني التأمل المهجورة ..
جعلنا الله وإياكِ من اهل اليمين ياحبيبة ..
وشكرًا تليق بك =)
المقداد ؛
بحق افتقدتكَ السمفونية بكل .. أوتارها يا مقداد !
والأهمّ هو حميدُ عودتك :””)
سعيدة وأكثر بتصدرك لهذه التدوينة :”)
شكراً لك .. وأكثر ،
بيان ؛
اللهم آمين ، وكلّ المُسلمين بإذن الله :”)
لتعقيبكِ دائماً .. وقعٌ لذيذ / مُختلف ()
جميل، يا ذا الاختيار الأصيل. تحياتي سيدي الفاضل.