الرئيسية أبلة إيناس ! ماتشعر به المعلمة 2

ماتشعر به المعلمة 2

بواسطة إيناس مليباري

♪ 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

body

كنت آنذاك ” مِتنشِنَة ” للحد الذي شعرتُ به بأنه لو اقترب أحدهم مني ، فسيُصاب حتماً ولا ريب بالصعق الكهربائي ، كنتُ أقف قبالة باب الفصل ، والأطفال أمامي يصفطون طابور استعداداً للخروج ، كان بصري شاخصاً نحو الأطفال الذين لم ينضمّوا للطابور بعد ، وفي غمرة تنقل بصري بين هذه وهذا ، لم أشعر بكفّي إلا وهي على شعر عُمر ، الطفل الواقف في أول الطابور ، الواقف أمامي ، صفعني عقلي ، تداركتُ ماحصل خلال جزء من الثانية ، أمسك عُمر بيدي دون أن أشعر ، وضعها فوق رأسه ، ثم حرّك كفّي مُداعِبة شعره ، كما أفعلُ دائماً مع الواقف أمامي ، لا يدري عُمر ما فعلته به مسحة رأسه ، لقد سكبتْ ماء عذباً فُراتاً ، فخمد البُركان الثائر .

انتهي من تقديم المفهوم العلمي في فترة الحلقة ، ويباغتني شعور بأنّ الفوضى التي يُحدثها بعض الأطفال ، تنحرُ ما وددتُ إيصاله ، أتأسفُ لهم بيني وبيني على ما لم أستطع تعليمهم إياه كما ينبغي ، يمرّ اليوم تلوَ اليوم ، وينقضي المفهوم الذي قدّمته قبل أيام أو أسابيع ، وفي حوار خاص جداً بين الأطفال مع بعضهم البعض ، يُهيئ الله سمعي وقلبي ، فتسُوقني قدماي نحوهم ، لأسمع حوارهم عن الشيء الذي تعلموه قبل فترة من الزمن ، الشيء الذي ظننتُ بأنه ذهب هباءً منثوراً . ينحني قلبي ليبتسم دون أن يُظهِر أوردته وشرايينه ، تلك الابتسامة لا تعني إلا شيئاً واحداً : الرضا .

كنتُ أعلمُ بأن ذاكرة الأطفال قوية جداً – حفظهم الله – مالم أكنْ أُدركه إلى أيّ حد يُمكنهم تذكر ما حصل معهم ؟ حدث أن قدمتُ أمامهم تجربة البركان ، ورغم تجربتي لها في المنزل ، إلا أنها لم تنجح في المرة الأولى ، مما جعلهم ينتظرون أطول من المدة التي توقعتها ، ثم وبعد مرور أكثر من شهر ونصف ، قمتُ بإعادة التجربة بإخراجٍ مختلف ، كانت ردة فعلهم بعد انتهاء التجربة : ” يا أبلة هادي التجربة زي اللي ما زبطت معاكي أول ” ، هذا إلى جانب تذكرهم لموقف ” المعلمة التي قفزت فوق الدولاب  ” كلما دخلنا للفصل نفسه بقول عبد الله حين يرمقني بنظرة لؤم قائلاً : ” تتزكري يا أبلة لما نطيتي عشان الوزغة ؟ ” حسناً في كلا المرات التي يُعايروني فيها أطفالي بالمواقف ” البشعة ” أضحك بشدة . أعتقد بأن الله يسخر لنا المواقف المحرجة ، لتكون ذكرى مُضحكة وجميلة جداً ، كما يحدث معي .

كل مافعله هؤلاء الصغار ، إخمادهم للبركان الثائر ، رضا قلبي ، الضحك بشدة .. بإمكان الكبار أن يفعلون هذا من أجلنا ولكن قد تأتينا بشقّ الأنفس ، لكنها تأتيني دون أن أطلبها من الصغار . في زمنٍ أصبح التعليم مهنة من لا مهنة له ، فإنني لا أغبط كل معلم ومعلمة . إنني أغبط المعلمين والمعلمات الذين واللاتي يمتهنون التعليم ويستشعرون بعظم ما تقوم به قلوبهم قبل جوارحهم . أغبطكم على أشياء كثيرة وأغبطُ نفسي أيضاً ، على كل الأشياء الجميلة التي نحصل عليها غير الراتب ! أغبطُنا على ما لم يشعروا به بقية المعلمين والمعلمات .

You may also like

4 تعليقات

المقداد 11 أبريل 2013 - 10:06 ص

صباحُ الخَير في البداية ,,
فترة طويلة لم أزركِ هُنا واقرأ الكلمات الرائعة !
.
ما أروع هذه اللحظات .. التعليم مهنة رائعة “لمن يقدره” ويقدر هذه العظمة التي في المهنة ..
أن تخرج أجيالاً أن تعلمهم .. تفتخر يوماً بهم بكونكَ من علمهم ورباهم !

لا بد من أنها لحظات جميلة لا تعوض تقضينها برفقة هؤلاء الأطفال , 🙂
والأجمل الأشياء العفوية التي تخرج منهم .. وذكرياتهم الجميلة! ..

وفقكِ الله 🙂

Reply
إيناس مليباري 11 أبريل 2013 - 10:17 ص

وطابت أوقاتك صباحاتُها ومساءاتها وكلّ ما وقع بينهما بما تحب :”)
سعيدة بحضورك الجميل كما هو دائماً ايها المقداد ..
أسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل شكراً لكلماتك الطيبة :”)

Reply
سوسن امين 11 أبريل 2013 - 1:54 م

الأطفال عالم جميل, وانتِ كمان عندك قدرة جميلة للدخول إلى هذا العالم, وطبعا أكيد حيتذكروا موقف المعلمة التي قفزت فوق الدولاب, إذا كنت أنا رغم اني لم أري بعيني لكن اضحك كلما تذكرت هذا الموقف واتخيلك وانتي فوق الدولاب 🙂 دمتِ محبة لعملك يا ايناس

Reply
إيناس مليباري 19 أبريل 2013 - 10:58 م

الله يسعدك ياسوسن : )
حديثك جميل ، كما هو دائماً
وأما عن ” المحروسة ” الآن .. أنا سعيدة بها ^^

شكراً لمتابعتك : )

Reply

اترك تعليقا