الرئيسية كَوبُ حَيـاة فلسفة النبات

فلسفة النبات

بواسطة إيناس مليباري

بسم الله الرحمن الرحيم

آخذاً هو في الصعــود نحو السمــاء ، حيث رمز الشموخ ومضرب الأمثـال ، أن يتردد في الصعود .. مُحَــال !

هو كذلك .. يسير قُدماً في مواضــع ومواطــن لا تسمح لنا نحن البشــر التواجد فيها لكنه وبفطرته استطاع اختراق المستحيــلات وكوَّن مُستعمرته وعكس ظله حتـى في الظُلمات !

فبمجرد توفر العناصر التي تمنحه الحياة – بعد الله – يُسارع البدء في الصعـود والتكـاثر حتى يملأ الفــراغ بروحه ويُثبت وجوده ويمـــلأ الأكوان اخضرار .

ذلك هو الـنبات !!

sidepicNurturing

يكتفــي بالبحث عن ماء وتربة صالحة وضوء ثم .. ينمو غير آبهٍ بالمكان الذي توفرت فيه تلك العناصر .. أ كانت في الصحاري القِفار أم في البحار !!

ما علاقة حال النبات بواقعنا نحن البــشر ؟

في كثيرٍ من الأحايين نستمع لعبارات على غِرار :

” أصلاً الناس هذي ما تستحق “

” ليه أتعب نفسي وأنا عارف إن النتيجة سلبية “

نهتم كثيراً بالمحيط الذي نحن واقعون فيه وبه ، ونُسـارع في إصدار الحكم على تلك الفئة وبالتــالي الإحجام عن ترك الأثر الطيب !

وإثر عُجالتنا هذه يُحرم الكثــير مما هُم في حاجةٍ لنا من علمنا الذي نحمله ، متجاهلين بذلك قول الحبيب – صلَّ الله عليه وسلم : ”  من سُئل عن علمٍ فكتمه ألجمـه الله بِلجام من نار يوم القيامة ” .

يقول صلى الله عليه وسلم :

” إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها ؛ فليغرسها ” .

يقول محمد قطب في أحد المواقع :

من كان في يده فسيلة فليغرسها!

ولا يسأل نفسه: كيف تنمو وحولها الرياح والأعاصير والشر من كل جانب؟

لا يسأل نفسه، فليس ذلك شأنه..

فليدع ذلك لله

ولتطلب نفسه أنه أودعها مكانها الحق، وعهد بها إلى الحق الذي يرعاها ويرعاه.

وقياساً على ذلك ، لنتبع مبدَئي التعامي و التبصــر ؛ التعامي عن النتيجة الفورية وعن مــدى استحقاق الفئة لما سنقُدِم عليه ، والتبصــر على ذواتنا ومــدى قدرتها في إلقاء أكبر كم ممكن من البذور الصالحة في نفوس من حولنا .

فلعلّ أثرنا – فعلاً كان أو قولاً – يترك أثر في نفس أحدهم ويُحدِث تغييراً وبالتالي يُضاف لرصيدنا أجر ومثوبة بأدنــى جُهد ممكن.

وبذلك يُطابق فعلنا قول الحبيب – صل الله عليه وسلم- حين قال : ” لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ” .

قعرُ الكَوب ” المُختصر ” :

لنتبع فلسفة النبات في سير نمــوه ولنترك أثرنا أنَّى انعكستْ ظِلالنا غير مُكترثين بمدى التأثير الذي أحدثناه في اللحظة الآنيــة ، فبعض الأمور لا تظهر آثارها إلا بعد انصرام الســنين وتعاقب القرون .

صور ناطِقـة :

openphotonet_IMG_1078

plant 2

plant 1

* ملاحظة :

ما دفعني لكتابة هذه الفلــسفة هو رؤيتـي لنباتات صغيرة جــداً قررت أن تنمو بين ثغرات أرضية الجامعة بشكل بــديع وقابلة للتأمل  : )

سبحانك ربي ، ولك في خلقك شؤون .

إينـاس

You may also like

6 تعليقات

منال الزهراني 23 فبراير 2010 - 2:23 م

جميل يا إيناس
كثيراً ما تأملت عميقاً عميقاً في كل شق ضيق وقصير كيف تحشر “نبتة ما” نفسها فيها لتمنحه صفة “الحياة”!
كثيراً ما كنتُ أتساءل: هل تساءلت هذه النبتة الصغيرة ما إذا كان هذا الشق سيكفي لـ “جذورها” في حال كبرت وتجّذرت؟
هل ترددت لأنها لم تكن متأكدة تماماً من أنّ فروعها القادمة ، وثقلها القادم ، ستكون في قدرة احتمال الشق الصغير لها أم أنها ستنهار؟!

هذه ليست دعوة لترك التخطيط “الاستراتيجي”! بالتأكيد ، لكنها دعوة صريحة لتبنّي المحاولات ومعانقة المستحيل …. والتحرك وفق الامكانيات…

شكراً لهذه التدوينة المُلهمة ، شاركتها عبر الفيس بوك ، وسعيدة بوصولي إلى مدونتك 🙂

تحياتيf

Reply
إينـاس مليبـاري 4 أبريل 2010 - 1:47 م


يالله منال أَوَ هُناك أجمل من التعمق في الأمور ” المحشوورة ” !!
ذات التساؤلات التي رادوتكِ قد رادوتني أيضــاً .. فجاءت هذه التدوينة 🙂

أشرتٍ إلى نقطة مهمة وهي : ضرورة التخطيط الاستراتيجي ، فبها تكتمل الأمور وتوضع النقط على الحُروف ..

سعيـــدةٌ بإبداء إعجابكِ 🙂
وسعيدةٌ بكِ ‘‘

إينــــاس

Reply
سمــر 18 أبريل 2010 - 6:19 م

جميلة جدًا هذه التدوينة ، تنظرين للأشياء بزاوية مختلفة ..

دائمًا ما أتساءل و بنفس ما ذكرت منال ..
مثل الصور التي وضعتيها أراها دائمًا و في أماكن لا نتوقعها ..
أتذكر بعد حادثة جدة ، نمت نبتات صغيرة جدًا لا تكاد تُرى داخل المنازل التي غرقت رغم بعدها عن الضوء .. و كأنها تقول : لا زال هناك حياة ..

شكرًا لتدوينة ملئت ليلتي بكثير من التأمل .

Reply
إينـاس مليبـاري 19 أبريل 2010 - 3:41 ص


صدقتِ ‘‘
تلك ” الخٌضيرات ” مصدرنا الحــقيقي لنُدرك بحق كيف يكون التفاؤل في أحلك الظروف
شُكراً سمر لـ تواجدكِ 🙂

Reply
ديم 15 يونيو 2011 - 5:46 ص

ملهمتي ايناس
واستاذتي ومعلمتي التي اضفت على حياتي معنا اخر انا من الناس الذين يمرون بصمت بالمدونه وينتفعون وبذهبون لكن ها المره احببت ان اشكرك واسعد ان ضممتي اسمي من ضمن اصدقاء ايناس اسعد بالتواصل ع البريد
لي اسبوع وانا افر المدونه ابحث عن الموضوع الحمد الله اني مالقيت الموضوع بسرعه لاني استفدت مره من هالفررررفره
قليلون من الناس من يتركون الاثر في حياتنا وانتي منهم لك كل الودوصادق الحب

Reply
إينـاس مليبـاري 26 يونيو 2011 - 3:11 ص

أهلاً بك ديم ،
بحق إن قلتُ بأني مُنتشية لحديثكِ هذا ، أوَ كنتِ مصدقة ؟
إن لم تكوني كذلك .. فلتفعلي : )
شكراً على هذه الكلمات .. أفخر بوجودها هنا : )
حُييتِ عطراً و حباً

Reply

اترك تعليقا