♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولأنني ظننته كتاباً ساخراً فقد ضمّنته قائمة الكتب التي أرغبُ باقتنائها ، رغم عدم ميلي لفن الكتابة الساخرة إلا أنني رغبتُ بشدة في أن أقرأه ربما عُنوانه هو ما أغراني لذلك وحثّني عليه . وحين قرأته كانت المفاجأة ! حيثُ أنه كان كل شي عدا أنه لم يكن ساخراً البتّة : )
كتاب كِخّه يابابا لكاتبه : عبد الله المغلوث ، يتحدث الكتاب عن بعض الظواهر الاجتماعية وينقدها بطريقته البسيطة جداً . في أغلب مقالاته يفتتح الحديث بموقف عابر حدث له في زمنٍ ما ثم وبعد عمليات التأمل المُجراة من قِبل عبد الله يأتيك النقد تِباعاً لما قرأت سابقاً . الكتاب خفيف وزناً ومضموناً بيد أن أبعاده متفرعة جداً وليس بخفة وزنه تماماً .
تطرق عبد الله للعديد من الظواهر البديهية عقلاً لكثرة تكرارها لكنك ستجد الألم ينسابُ من بين أطراف الأحرف أو من بينها ! يتألم عبد الله لوجود ظاهرة العُنصرية ” التمرية ” حيثُ قال :
أذكر أنني كنتُ في منزل أحد الأصدقاء في الأحساء قبل عدة شُهور ، وفور وُصولنا قدم المُضيف تمراً سُكرياً من القصيم ، مما أثَار حفيظة أحد الحُضور الذي قام من مِقعده وقال : ” أهذا سكري ؟ ” فأجاب المُضيف بالإيجاب . لم تَرق الإجابة للضيف الساخط الذي قال : ” كيف تقدّم لنا تمر القصيم وأنت ابن الأحساء ، هل سمعتَ أن قصيمياً قدم تمراً أحسائياً في منزله ؟ ” حاولنا أن نتدخل لفضّ الاشتباك ، لكن دون جدوى !
يتجسد ألم عبد الله في السطر التالي مباشرة لهذا النص :” تخيلوا تمراً يقسمنا ! ” ولكم أن تقيسوا صِغار الأمور على هذه الحادثة . أتذكر يوم أن كنتُ في أحد مراحلي الدراسية كانت جميع صديقاتي ذوات القبائل عداي أنا وأُخرى ، حقيقةً ومنذ ذلك العهد كُنا نجد الكثير من السُخرية على سبيل الدُعابة ، فنبتلعها على مضض ، ولا أدري لمَ هذه الأمور كانت تحدث آنذاك . كما أنني وفي كل مرة أجلسُ فيها بجوار إحداهنّ تُباغتني بسؤالها : ” من وين ترجعين ؟ “حقيقةً لا يأتيني هذا السؤال إلا من ذوات القبائل!
وعن الحديث عن الأصل و ” الفصل ” تحدّث عبد الله أيضاً عن عدم رضا البعض عن كونه ” هندياً ” ! فيما إن نعته أحدهم بأن شكله قد يكون هندياً بينما يرتضي أن يُقال عنه كندياً أو أمريكياً ! وهذا ما حدث مع أحد أصدقاء عبد الله . . أعتقد بأنني بحاجة لتدوينة مُنفصلة للكتابة عن الهند ليس لأنني انتمي إليها ، بل لأنها وببساطة تستحق أن أفعل ذلك من أجلها ، ولأنني من أصل هندي ، أشعر بالفخر : )
جرّب أن تُصبح سعيداً ، كانت هذه أحد مقالات الكتاب ، والتي مُفاداها الاقتباس التالي :
لم أشعرُ بسعادة منذ زمن طويل كما شعرتُ عندما هاتفتُ والد صديقتي . شعرتُ بسعادة هائلة اجتاحتني فور أن تحدثتُ معه . مُكالمة قصيرة جداً لم تتجاوز الدقيقتين عبّرتُ فيها عن امتناني له ولابنه . أحالت يومي إلى كرنفال بهجة .
ثمّة أشياء صغيرة للغاية بوسعها أن تزرع حقول الفرح في صدرك : )
وفي موطن آخر من الكتاب أشار عبد الله كيف أن الكتابة مصدر للصحة بعد طول اعتلال ، وقدّم لك نصيحة في مقالة : أكتبوا تصحوا :
اُكتب يومياً ثلاث رسائل إلى من تُحب ، أولها بعد الإفطار ، وثانيها بعد الغداء ، وثالثها قبل أن تخلد للنوم ، وسيزول عنك الاكتئاب تدريجياً
وحين تكتب رسالة ما أهم ما في الأمر هو أن تكتبها وتعيشها . رغم مرور أكثر من سنة ونصف على تلك الرسالة التي كتبتها في نهاية العام الدراسي لإحدى أستاذاتي التي امتازت علاقتي بها بالتوتر والخلاف الشديد ، وحين قررتُ إنهاء ذلك بعثتُ لها برسالة مطولة تشملُ الاعتذار والشكر والامتنان ، فكان ردها بأن رسالتي كانت أجمل رسالة شُكر تلقتّها في حياتها كما أنني نجحتُ في إنزال دموعها ، ولا أدري لم شعرتُ بالانتشاء : ) مجرد استحضار ذلك الشعور يُسعدني فكيف إن كان طازجاً ؟ جربوا ذلك ولو لمرة واحدة ، وستدمنون الكتابة بعدها : )
اقتباسات آسرة :
إننا لا نصعدُ السلالم بل نفضّل المصاعد الكهربائية حتى لو كان هدفنا الطابق الثاني . في العمارة المكوّنة من أربعة أدوار التي أسكنها في بريطانيا تعطّل المصعد لمدة أسبوع دون أن يُصلحه أحد . عندما هاتفتُ إدارة العمارة أخبروني أنني الوحيد الذي أبلغ عن العطل . جاء الفني فوراً لإصلاحه . شعرتُ لوهلة أنني أكسلُ شخص في بريطانيا ، فالحياة لم تتعطّل في العمارة لأن المصعد لا يعمل . تعطّلتْ في داخلي فقط . هناك سلالم . هي خيارهم الأول بينما كان المصعد هو خيارنا الأول . نحنُ نبحثُ عن أي شيء يقلنا بسرعة إلى أهدافنا دون أن نستشعر قيمة الصعود خطوة خطوة . إنه شعور عظيم : )
ثمّة مذاق خاص للأشياء التي تأتي متأخّرة . تأملوا الآباء الذين حصلوا على أطفالهم بعد طول انتظار . والمرضى الذين تعافوا بعد ألم مُضن . والمبدعين الذين نالوا النجاح بعد جُهد جهيد . ستجدونهم أكثر امتناناً وسعادة : )
تقييمي للكتاب : 4 / 5