♥
السّــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يروي الأستاذ عادل أبو شنب في كتابه شوام ظرفاء حكاية المأدبة التي أقامها المفوض السامي الفرنسي أيام الاحتلال ، ودعا إليها بعض وجهاء دمشق ومشايخها . وكان من المدعُوين شيخ بلحية بيضاء وعمامة بيضاء ، رآه المفوض السامي يأكل بيديه ولا يستخدم الشوكة والسكين ! فامتعض إلاّ أنه كظم غيضه ، ثم سأله عبر تُرجمان :
– لماذا لا تأكل مثلنا ياشيخ ؟
– وهل تراني آكلُ بأنفي ؟!
– أقصد : لماذا لا تستخدم الشوكة والسكين ؟
– أنا واثق من نظافة يدي ، فهل أنت واثق من نظافة سكينك وشوكتك ؟!!
أفحم الجواب المفوض السامي فأسكته ، لكنّه بيّت أن ينتقم من الشيخ بسبب جوابه ” الفظّ ” في نظره ! . كانت تجلسُ زوجة المفوض السامي إلى يمينه وابنته إلى يساره ، وبعد قليل طلب المفوض السامي شراباً مسكراً متحدّياً الشيخ وتقاليد البلاد ، خاصة في مأدبة يحضرها رجال دين ، فصبّ من الشراب لنفسه وزوجته وابنته ، وراح يشرب على نحوٍ يستفز الشيخ ، وهنا قال له :
– اسمع شيخي ، أنتَ تُحب العنب وتأكله ، أليس كذلك ؟
– نعم .
– حسناً هذا الشرابُ من العنب ، فلماذا تأكلُ العنب ولا تقربُ الشراب ؟!!
وشخصتْ أنظار المدعوين جميعاً إلى الشيخ ، لكنّه ظل على ابتسامته التي لا تُفارق شفتيه وقال موجهاً الكلام للمفوض السامي :
– هذه زوجتكَ وهذه ابنتكَ ، وهذه من هذه ، فلماذا أُحلّتْ لك تلك وحُرّمت عليك هذه ؟!!
.. ويقال بأن المفوض السامي الفرنسي أمر بعد ذلك مباشرة برفع الشراب عن المائدة في الحال !!