♥
السّــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل فكّرت يوماً بعقد صُلح دائم مع الأشياء من حولك ؟ هاتفك الذي كثرتْ مشاكله ؟ سيارتك التي تضعك في أزمات غالباً ؟ بل حتى آلامك الجسدية المتكررة ؟ هل فكرت يوماً بأن تكوّن علاقة جيدة مع تلك الأشياء ؟ باختصار : هل سمعتَ نداءهم الخفّي حين يسألونك :
هل من الممكن أن نكون أصدقاء ؟
يقول عماد سامي سلمان في كتابه من مسيّر إلى مُخير :
إنّ الأشياء الجامدة – كالآلات مثلاً – قد تُعاقبنا من خلال أعطال تُصيبها جرّاء العُدوانية التي نبثّها تجاهها . قد تبدوُ هذه الأحداث سخيفة ، لكنّها بالحقيقة تفعل فعلها معنا دون أن ندري ذلك ! .
وها هو رسُولنا الكريم – عليه أفضل الصّلاة وأتمّ التسليم – يرسمُ لنا نهجاً للمُصالحة ويُهدينا أساسيات تكوين الودّ مع الجمادات التي تُحيطنا. ففي كتاب عبقرية محمد – صلى الله عليه وسلم – يقول العقاد :
شمل عطفه الأحياء والجماد كأنه من الأحياء فكانت له قصعة يقال لها ( الغراء ) وكان له سيف محلّى يٌسمى ( ذا الفقار ) وكانت له درع موشحة بنحاس تُسمى ( ذات الفضول ) وكان له سرج يُسمى ( الداج ) وكان له بساط يُسمى ( الكز ) وكانت له رُكوة تُسمى ( الصادر ) وكانت له مرآة تُسمى ( المدلة ) وكان له مقراضٌ يُسمى ( الجامع ) وكان له قضيبٌ يُسمى (الممشوق ) وفي تسميته تلك الأشياء بالأسماء معنى الأُلفة التي تجعلُها أشبه بالأحياء المعروفين .
وأما عن مُصالحة الألم الجسدي فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، أنه شكا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجعًا يجده في جسده مُنذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: باسم الله ، ثلاثًا ، وقل سبع مرات: أعوذُ بالله وقدرتهِ من شَر ما أجد وأُحَاذر .
ويكأنّه بفعلته هذه ” يُطبطب ” على ذاك الوجع ويُعلن تضامنه معه . لنجرب أن نُغير تعاملنا حين تُصاب أجهزتنا بوعكة تقنية ! فبدلاً من التأفف – والذي لا غنى عنه أحياناً – لنجرّب طُرق أكثر ودية قد تُجدي طالما أن التأفف لن يُجدي إلا أن يزيدك حنقاً وغضباً . لنجرب أن نعتاد حين نرى أصدقائنا وممن حولنا يُعانون من وعكة مثل هذه الوعكات أن نُذكرهم بهذه السنة النبوية 🙂 فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
فقد حدث أن شكوتُ لإحدى صديقاتي ألماً أجدهُ في جسدي ، أخبرتها وأنا أُعلن انفصالي عن ألمي هذا ! أخبرتني بأن أضع يدي على موضع الألم وأقرأ كثيراً ريثما يهدأ ويخف وجعه . في ذلك الحين أذكر بأنني اكتفيتُ بشكرها وأغلقتُ الهاتف ! أدركتُ فيما بعد كم كنتٌ مخطئة حين تجاهلتُ قولها وتذكيرها .
فقظ لنحاول وإن عُدنا للتأفف والتذمر مرّة فهذا لا يدلّ على سوءنا بيد أنه مؤشر لبشريتنا ، بكل بساطة لنحاول مجدداً ومجدداً إلى أن نعتاد فعل التودد مع كل الشي ، وسنلحظ الفرق كما لم نلحظه من قبل :”) سنلحظه على الأجهزة ، الأشياء .. وعلى أعصابنا التي اهترأت كثيراً في السابق :”)