♥
السّــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحينَ تُكبّل جَوارحنا بالألم و .. ” إخوته ” يتسَـــرمد الكون ويُسلب ضياءه من حيثُ لا ندري ! . نعتقدُ على حين غفلة بأنّنا الأكثر في كلّ شيء عدا النّصيب الوافرُ من الفَرح .. فنحنُ – بحسبِ زعمنا – الأكثر هماً ، حُزناً ، ضيقاً . ولا يتبددُ هذا المُعتقد ” المُعْتَقِد ” جداً إلاّ إذا أبدلنا الطأطأة والانْحناة ، طأطأة ” العقل ” وانحناءة ” القلب ” أبدلناهما باستواء قامتنا لنرى العالم كما هُو بادِ لا كما نتصور !
سنجدُ من هم أشدّ منا وطأة ، ضعف ، من هُم بحاجة للكثيييير من الأشياء البسيطة جداً ، عميقة التأثير . منّــا ما أن رأى من هو بهذه الحالة رددّ بداخله وهو يتخذ وجهته : “إنني أتألّم أيضاً ! ، لدي ما يكفيني ! ” ومنّــا من يُربّت على قلبه وأنفاسهُ تلهجُ في كيفية تطبيب القلب الآخر الذي يتألّم .
أنا هُنا لا ” أُتــفِّه ” تلك الأحاسيس السلبية التي تعترينا على اختلاف المُسببات ، أعلمُ بأنّنا بحاجة لمن يُخفف عنّا من يخبرنا بأنّهم يهتمون ويعتنون بنا . أؤمن بأن الإنسان الضعيف يضع حقيبة العطاء جانباً ويغرورق في حُزنه و ” قتامة موده ” . كل هذا مُقــدَّر صدقوني ، أنا هُنا أدعو لأنْ نُعامل الآخرون باستراتيجة ” شعرة معاوية ” والتي قال فيها بأنّه جعل بينه وبين الناس شعرة فإذا ما شدّوا طرفها بادر هو بإرخائها من جهته والعكسُ صحيح .. كلّ هذا حتى لا نفقد الشعرة ! الشعرة التي تُمثل حبلُ الوصل بيننا وبين أصدقائنا ، أقربائنا وكل من حولنا . فإذا ما تقوقعَ كل منّا بحزنه وأوصد باب ” عطاءه ” ظاناً بأن غيره سيتكفل عناء تطبيب القلوب الكسيرة ، يكون قد أخطأ ! .
أذكر هنا ملامح قصة جديرة بالذكر .. يُحكى أن امرأة فقدتْ ابنها ، فوجد الحُزن طريقاً مُعبّداً لقلبها . اتجهت هذه الأم إلى حكيم القرية طالبةً إياه أن يهبها ” وصفة سحرية لمحو الحُزن ” طلب منها الحكيم أن تطرقَ باب جاراتها في الحي الذي تسكنه لمدة شهر . وبالفعل انطلقتْ حزينتنا هذه تطرق بشغف .. لأنه الطريق المُنجي لخلاصها ! .. وجدتْ خلف الأبواب مالمْ تتوقعه .. الكُسر والحُزن .. الضعف وخُور القوى مسيطر .. أخذتْ تُطبطب على هذه وتُكفكف دمع تلك .. تسد الثغر وتقضي الحوائج .. حتى انصرم الشهر الذي أهداها إيماناً جديداً وجميلاً : ” محو الحزن عن الآخرين مدعاة لراحة القلب ” .
وفي هذا الشأن يبزغُ لنا وهج رسولنا عليه الصلاة والسلام حين قال :” لإن أمشي في حاجة أخي حتى أقضيها، أحب إلي من أعتكف في مسجدي هذا شهرًا “. وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه :” من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ” . نحنُ لا نملكُ الصلاحية في تحديد ما هي الكُرب التي تستحق أن يُفرج عنها . فلكل إنسان مفاهيمه الخاصة التي تجعله يرى أن حدوث أمر ما لهو عينُ الكرب في حين لا يمثل هذا الحدث شيئاً بالنسبة لشخصٍ آخر . تماماً كما يحدثُ ذلك مع الأطفال ، فنحنُ إن تعاملنا معهم كما نتصور ونستوعب الأشياء لما أصبحتْ هناك تربية ناجحة . فبكاءه لفقدانه للعبته هو ” دلع ” نظرنا بينما هُو بالأمر الجلل إذا ما كان لهذا الصغير وجهة نظر !
امحوا الأحزان عن أصدقائكم ، أقربائكم ، وكل من تحبونهم ويُحبونكم . كونوا بقُربهم حتى لو لم تُقنعكم أسباب تلك الكآبة ! يكفي بأنكم بجانبهم وهذا كفيل بأنّ يُشعرهم بأنكم مختلفون عمّن حولهم حيثُ أنكم كنتم لهم خير مواسين حتى لو لمْ تستطيعوا أن تفعلوا شيئاً حيال مٌصابهم , كدّسوا قلوبهم بكلمات التفاؤل ، زاحموهم بالأمل وانزعوا اليأس نزعاً . .. فقط تذكروا بأن : ” المُسلم للمسلم كالبُنيان يشدّ بعضه بعضاً ” .