♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هُناك فرق بين أن تُؤدي مهنتك بشكل جيد وبين أن تُضيف نكهتك الخاصّة في عملك بالإضافة إلى أنك تؤدّيه بشكل جيد- بالطبع ! الممرضة التي استقبلتني في الجلسة التاسعة في العلاج الطّبيعي – بالمناسبة ، وددتُ لو خطرت على بالي فكرة سؤالها عن اسمها ! لكنني وجدتُه مدوناً بخطها الذي بدا لي طلاسماً ! فآثرتُ ترقيمها ^^ – كانت من الصِنف الثاني ، تبدأ هذه الجميلة قولاً ومظهراً باستقبالي بسؤالي : كيف حالك ؟ تُضحكني لأنها تُتقن العربية بشكل مُلفت ! يبدو حرف الـ ح منها مختلفاً حين تُحاول أن تخرجه كما هو ، وألا تكون جملتها واهنة ” كيف هَالك ” ! هذا إلى جانب ابتسامتها المُشرقة والتي ما فتئتْ تُغرقني بها كلما التقت أعيُننا .
ثم تتابع حُسن عملها بإخباري قبل أن تضع ” الجل ” على ظهري بأنه بارد ، وتستميحني بأنها مضطرة لفعل ذلك ! وحين يمرّ الوقت بطيئاً – حتى لأخاله أشدّ بُطئاً من حركة السلحفاة ! – حين تمرر الجهاز على ظهري ، يبدو كل شيء ساكناً إلا من أحاديثها التي تختلقها لتُنشئ معي وقتاً لا فراغ فيه ولا ملل . تسألني هذه الممرضة فيمَ إن كنتُ أشعرُ بتحسن ؟ أخبرها – والابتسامة من الأذن للإذن – بأنني متحسنة جداً ! وكنتُ أظن أنّه مجرد سؤال عابر لكنني أخطئتُ ، حيث أتبعتْ سماعها للإجابة بتحسسها لظهري ثم امتعض وجهها وأخبرتني بأنه لا زال على حاله ! ثم تقدّم لي نصائحاً ومعلومات لم يخبرني بها الطبيب دون أن أسألها أو أطلب منها ذلك .
وحين تضعُ الكمادات الحارة ، ترفضُ أن تجعل بيني وبين الكمادات طبقة واحدة فقط يحول دون أن تصلَ حرارته إلي ، رغم أنني أكثرتُ إخبارها في المرتين – الجلسة الثالثة والتاسعة – أن تلك الحرارة الشديدة تُريحني جداً ! لكنها تقول : ” لا حّبيبي مرة حّار ! ” ثم تضع عدة طبقات ثم الكمادات ، يكفهرّ وجهي وابتسم ! لا أدري كيف يحصل هذا لكنها استطاعت أن تُسعدني .
وحين تشرف على تماريني ، تدقق كثيراً في وضعية قدمي اليُمنى من اليُسرى ، ارتفاعُ ظهري وميلانه حين أكرر بعض الحركات ، كل تلك الأمور لم يحدث أن انتبهت لها ممرضة أخرى عداها. تُنهي حُسن عملها بأن تساعدني على النزول من السرير – وهذا أكثر ما يضحكني ويسعدني – حقيقة رغم أنني أشعرُ وهي ممسكة بيدي حتى أنزل بأنني كمن يهبطُ من الفضاء للأرض ! لكنني ورغم كل هذا ، سعيدةٌ بكل ما تفعلهُ لأجل مريضة لا تعرفها !
الأحاسيس الجميلة وإن تأخرنا في كتابتها ، فإنها لا تموت ، بل تزيد رونقاً وتُحيي فينا الجميل . بينما الحديث عن الأحاسيس السيئة في وقت حدوثها قد يُعمينا عن كل الجمال ، والإفصاح عنها متأخراً يجعلنا أكثر إنصافاً : )