♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( ولو أنّما في الأرضِ من شجرةِ أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ) لقمان : 26
ولو أنّما في الأرضِ من شجرةِ أقلام يكتبُ بها والبحر يمده من بعده سبعة أبحر مداداً يستمدّ بها ، لتكسرت تلك الأقلام ، ولفني ذلك المداد ، ولم تنفد كلمات الله تعالى ، وهذا ليس مبالغة لا حقيقة له ، بل لما علم تبارك وتعالى أن العقول تتقاصر عن الإحاطة ببعض صفاته ، وعلم تعالى أن معرفته لعباده أفضل من نعمة أنعم بها عليهم ، وأجلّ منقبة حصلوها ، وهي لا تكمن على وجهها ، ولكن ما لا يُدرك كله لا يتُرك كله ، فنبههم تعالى تنبيهاً تستنير به قلوبهم ، وتنشرح له صدورهم ، ويستدلون بما وصلوا إليه بما لم يصلوا إليه ، ويقولون كما قال أفضلهم وأعلمهم بربه : ” لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ” وإلا فالأمرُ أجلّ من ذلك وأعظم .
وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى ، الذي لا يُطاق الوصول إليه إلى الأفهام والأذهان ، وإلا فالأشجار وإن تضاعفتْ على ما ذكر أضعافاً كثيرة ، والبحور لو امتدت بأضعافٍ مُضاعفة ـ فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها ، لكونها مخلوقة .
وأما كلام الله تعالى ، فلا يتصور نفاده ، بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي ، على أنه لا نفاد له ولا مُنتهى، وكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته ( وأن إلى ربك المُنتهى ) .