♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين انتهيتُ من كتاب الفرودس المستعار والفردوس المُستعاد ، أضفتُه لقائمة العناوين التي أرغبُ في التدوين عنها . في البداية كانت القائمة تحوي عنواناً واحداً ، وبصورةٍ لم أخطط لها ، تناسلتْ هذه القائمة حتى حَوَت كتباً ، ومواقفاً ، وشُؤوناً أخرى في الحياة تستحق أن يُدوّن عنها . بعدها ما الذي حدث ؟ لم أدوّن عن أياً مما كُتِب ؛ ذلك لأنني بغيتُها تدوينات مُكتملة جداً ! كنتُ أُمنّي نفسي بقولي لها : يبدو أنّ هذا الوقت غير مُناسب !
والذي قد نتج من انتظار الوقت المناسب ، هو ضياع الأوقات المناسبة ! قد تأتيك الأوقات المناسبة مُحاطة بعقبات ، وإذا نظرت لها بسطحها ، ستظن من نظرتك الأولى بأن الوقت لم يحنْ بعد لحدوث ما أنت راغب به . الوقت المناسب لإتمام المهام لن يوقظك من نومك ، لن يرافقك كظلك حتى تتنبّه له ، لن يبكي أسفاً لأنك أحسنتَ التفريط به ، لن يحدث من هذا شيئاً ، ولكنه أيضاً ، لن يكون كالقطار الذي يأتي مرّة واحدة ولا يعود ، الوقت المُناسب لن ينفلت منك بسهولة ؛ ذلك لأنّ الله كريم رحيم ، أودَع في الأوقات المُناسبة – والتي يراها المرء أوقات غير مُناسبة – إمكانية ظهورها وإطلالتها عليك ، حتى أن ضيّعتها مرة أو مرتين . . أو حتى ثلاث مرات ! لأن الله يُمهلني ويُمهلك ويُمهل كل من يحتاج للوقت والفُرصة المُناسبة لأي أمر يرغب في حدوثه .
في الحقيقة ، إننا لا نفوّت الوقت المناسب باختيارنا يا رفاق ! ما يحدث هو عدم إداركنا بأن وقت حدوث هذا الأمر – الذي نرغبُ به – قد حان . ويعود سبب عدم ادراكنا ؛ لأن الوقت المُناسب بالنسبة لصاحبه يكون كالمطر الذي يسبقهُ تقلّب الأجواء ، تضطرب السماء ، تخشى على نفسها ، منها ! ترعدُ وتبرقُ وفي نهاية المطاف . . يهطل المطر . وهذا ما يحدث تماماً مع الوقت المُناسب ، لن تكون الظروف التي تتمناها مُهيأة سلفاً ، الله سيُرسل لكَ بذرة واحدة فقط ، وعليك صُنع الظروف الملائمة لها لكي تنمو ، الله أرسل لك البذرة ، وكلّفك مهمة الحفاظ عليها . وفي أكثر الأحيان تكون هذه البذرة هي الشيء الذي لو أنفقتَ مال الأرض ، لم تكن لتحصل عليها ! قد تكون في ابداء رغبة ابنك بأن يبتعد عن التدخين ، أو لُطف قريبك لطالما رغبتَ به ولم تعلم كيف السبيل للقُياه . البذرة في الغالب تكون النوايا ، والأشياء القلبية التي نرغب في أن يكون عليها الطرف الآخر لكي يتم ما خططنا له .
في مقال – نسيتُ اسمه ! – للكاتب ثامر شاكر ، كتب فيه يردّ على من يتّهمه بأنه لا يعيشُ في واقعنا المؤلم ، في الوقت الذي يزدادُ نزف جراح الأمّة ، ويُهتك عرضها ، ويموتُ أطفالها وشيوخها ، وتترمّل نساءها ، تستمرّ أنت بالكتابة عن شؤوناً مُخزية ! عن الحب ! كان رد ثامر واضح جداً ومنطقيّ جداً . يقول في معنى القول بأنه إن انتظر حتى تلتئم الجراح ، وحتى يكتسي العالم السعادة – والذي لم يكن في أيّ من العصور سعيداً مائة بالمائة ! – ستفنى المعاني الجميلة التي يتوق الكثير من الناس ومن ضمنهم ” أصحاب المُعاناة ” إنهم يتعطشون للكلمة الطيبة التي تُطمئن قلوبهم بأنه ثمة أشياء جميلة على الضفة الأخرى يمكن أن يعيشها المرء ويحيا بها . قد تكون أصدق صور المواساة أن تكتب نقيض ما تشعر به أو يشعر به من يهمك أمره ، إنك بذلك تدعمه بطريقة ذكية جداً . وأمّا عن معاناة العالم الإسلامي والعربي ، فله كُتّابه الذين يستمرون في الكتابة عنه . ثامر لم ينتظر الوقت المناسب ، بل استدعاه .
تحيّنوا الأوقات التي تجدونها غير مُناسبة لتفعلوا ما ترغبون به . تساءل فقط : كيف يمكن فعل ذلك بطريقة أخرى تُناسب ما يحدث معي الآن ؟ كن على استعداد لوضع خطة بديلة دائماً . و اطلب من صاحب المعونة أن يُعينك دائماً .