♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثمة أمور كثيرة تُحيطنا ، يعيشها غيرنا ، فتصلنا باستيعاب مبتور ؛ ذلك لأن ما عِشناه كان من خِلال كلماتهم فقط ، لم يصل للقلب بعد . حتى إذا أخذت الأيام دورتها ، وحانت اللحظة ! لحظة استرجاعنا لكل ما مرّوا به السابقون قبلنا ، إن هذه اللحظة لا تباغتنا إلا مرّة واحدة فقط ، يوم أن يكتب الله لنا ما كتبه لهم . حين يصبح من كان يحدثنا ، يستمع لنا . حينها تختلف الأشياء ، نُدركها أكثر ، نشعرُ بها بشكلٍ أعمق ، حينها فقط ذلك الجزء المبتور ، ينمو بداخلنا ، ويتمدد . . وننضج أكثر !
الحب !
حين كثُر إعادة إرسالي لقصص الحب لصديقاتي ، ساورهنّ الشكّ بطبيعة الحال ، غير واحدة سألنني : ” لا يكون قلبك دقّ ؟ ” فيما تعدّت أخريات بإنزال أسوء الشتائم على الرجل السعودي ، الذي لا يستحق كل ما تعانيه الفتاة السعودية الطيبة !
حسناً ، لم أبرر ، لم أفعل شيئاً تقريباً ، بيد أن ما قلته لم يتعدّى ما أشعرُ به :” أخلاق المحبين السامية في قصص الحب هي أكثر ما يجذبني ” هذا كل ما في الأمر . الحب أخلاق قبل أن يكون مشاعر ! الحب يا رفاق حين يأتي ، لا ندري لماذا جاء ؟ وكيف جاء ؟ إنه يباغتنا من حيثُ لم نحسب له طريقاً . حتى المجتمعات المُحافظة مهما حاولت التصدي لكل ما قد يدنّس شرف قُدسيتها – وعلى رأسها الحب ، إلا أنه ستبقى ثغرة يتعذر عليهم وصدُها ، تلك الثغرة التي سينساب من خلالها كل ما تتعرّض له المجتمعات المنفتحة ، ستنسابُ كما لو أن هذه الثغرة محيطاً !
القليل يُسعدهم الحب ، والكثير يُشقيهم . الثلة القليلة التي أسعدها ، لم تكن من المُصطفين الأخيار ، لم تكن مُنزّهة من أن ترتكب أخطاء كبيرة كانت أو صغيرة ، لكنها ببساطة ، جعلت الله عليها رقيباً ، فحباهم السعادة ، بالمناسبة ، تلك الثلّة القليلة ، لم تكن جميع نهاية قصتهم سعيدة – بنظر المجتمع – إذ أن كثيراً من أولئك السعداء ، قد افترقوا ، لكن السعادة تكمنُ بدواخلهم ، تجري في دمائهم ، وتضخّهم صباح كل يوم بأن ما كان بينهما ، لن يندثر ، لن يموت ، سيكتبُ الله للصدق الذي جمعهما تتمة بطريقة لا تخطرُ على قلب بشر .
أما أولئك الكثيرون الأشقياء ، التعساء ، الذين لا يرون في الصفحة البيضاء إلا النقيطة السوداء متناهية الصغر ، إنهم كثيرون ؛ لأن التعاسة مرض معدّ ، متفشي ، وببالغ الأسف بات موضة ! موضة من هو أكثر تعاسة في هذا العالم ؟!! إنهم ينظرون للأمور بنظرة مجتمعية لا بقدر ربّاني ، فما كل فراق ، مأساة . وما كل أمر عضال بين المحبّين ، نهاية الأمر .
ما هو الحب الحقيقي ؟ لا أدري أي إجابة مختصرة يمكن الوصول لها ! لكني أؤمن إيماناً راسخاً ، بأنّ ما بُني على الصدق ، لا على وسامة الشكل ، أو رشاقة الجسم ، بُني على مواقف ، كانت من خلالها الكثير من التضحية ، الإيثار ، الوفاء ، الإخلاص والقليل من كلمات الحب ! عند حدوث كل هذا ، نستطيع القول بأن ما نحبه أهلٌ للحب .
حين يُعاملنا من نحب بأخلاقه ، لا بمشاعره ، فهو حين يغضب ، لا يصرخ ولا يشتم ، رغم أن هذا شعوره في هذه اللحظة ، لكنّه كتم غيضه ، وآثر الانسحاب . وحين يسعد وأنت أبعد ما تكون من السعادة ، رغم أن الفرح ما يشعرُ به ، وبودّه لو يخبرك بذلك ، لكنه يُخفي فرحه ليواسيك . إذا كان محبوبك يتمتع بهذه الأخلاقيات العالية – وإن كانت بعضها – فهو أهلٌ للحب .
هل الحب يخدش الحياء ؟ ويودي بالأخلاق ؟ ثمة حب لا يخدش الحياء ، بل يزيده ، ويقويّه . هذا إلى جانب ترويضه للعواطف ، إدارتها ، والتحكّم بها . وأخيراً إن الحب من الأمور التي تصارع الأخلاق . فحين تتنافس قيمتان بين أن أصمت لأرضي ربي ؟ أم أتفوه لأُريح قلبي ؟ إن هذا النوع من الحب مُلهِم وجميل يا رفاق جميل .
الرجل السعودي والحب !
ذكر د. طارق الحبيب بأن الرجل النجدي هو أفضل رجل في العالم ! وقد برر ذلك بقوله حين يتزوج السعودي من امرأة أجنبية ، تظهر صفاته الحقّة ، إنه يحمل طفلهما ، ويساعدها في شؤون المطبخ ، ويفعل أكثر مما تطمح له ” البنت السعودية ! ” إنه حين يتزوج من أجنبية يتعامل معها كما لو أنها لا تعلم الخلفية ” السودادية ” عن فكرة الزواج من سعودي ، بينما حين ” يضطر ” للزواج من سعودية ، إنه ورغم طيبة قلبه إلا أن كبرياءه كسعودي تمنعه من إظهار كم هو عكس كل ما تفكر به امرأته ” السعودية ” فيبدأ بتأكيد كل الإشاعات حتى لو لم تكن فيه !
أحب الرجل السعودي لأنه أبي ، وخالي ، وجدي ، و أخي ، أبي الذي أحسن تربيتي ، خالي الذي يدعمني دائماً ويهتم لأمري ، جدّي الشهم الذي أحببته من حكاياتِ أمي ، أخي الذي كثيراً ما يبتسم لزوجته .
زاوية ؛
أُجاهدُ فيك ، إلا أنّه لا نَصْرَ بك ولا شهادة – ياسر حارب