♪ ♫
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يختزل الإنسان حياته في أمرٍ أو أمرين ، ويظن متوهماً بأنهما إكسيره الذي يُنجيه من كل المُضنيات من الأشياء . يزيدُ إيمانه هذا كلّما كانت تلك الأمور التي اختزل حياته بهما ؛ سبباً في نجاته من وحل الحياة البائسة .
إن الله لن يبعث له الرسل من البشر ليخبرونه كم أنه متوهماً ، كم أنه غارقاً من حيثُ لا يدري ، لن يفعل الله له ذلك ، رغم استطاعته – جل شأنه – بهذا . لكنه لن يفعله لسببٍ واحد ؛ لأن كثير من القناعات لا تتغير إلا بالمواقف التي تُثبت مدى خطأ ما نعتقده أو نؤمن به .
سيُدير الله الأيام كما يفعل دائماً ، سيُكرِم هذا الإنسان بذلك الأمر الذي هو كثير التعلق به ، الأمر الذي لا تسيرُ حياة هذا الإنسان بشكلٍ جيد إلا بوجود ذلك الأمر في حياته ، وفي تفاصيل يومه . . ثم يجعل هذا الأمر يفرّ فراراً على مرأى من صاحبنا هذا كثير التوهم . . يفرّ هذا الأمر بطريقةٍ لا يملك فيها صاحبنا تغيير مسار ما حصل ! بأي شكلٍ كان ، يشعرُ بالعجز ، الانهيار – كما اعتقد – وقد يعيشُ في دوامة بحقيقة تحليقه نحو هاوية حياته ! لكن ومع اعتياده مع فقدان ذلك الأمر ، اعتياده باستمرارية شهيقه وزفيره رغم فقدانه للعزيز الذي لم يتوقعه ، اعتياده بأن يضحك ولو قليلاً مع الأصدقاء ، وأن يُنجز عملاً مُتناهياً في الصِغر . .
كل تلك الأمور مُجتمعة ستجعل صاحبنا هذا يقفُ حائراً من أمره ، سيدرك – متأخراً – بأن لا شيء مما يعتقد الكثير من البشر ، يجعلنا – بفقداننا إياه – يُفقدنا أيامنا ، حياتنا .
بعض الفواجع في حياتنا ، كفيلة بأن تحررنا من كل خوفٍ قادم ، تلك الفاجعة تجعلنا في حصنٍ منيع من أن تتلقفنا الأمواج التي نتنبأ بحدوثها في الأيام المُقبلة ؛ ذلك لأن الفاجعة – وإن استصغرها من حولنا – كانت تمثل لنا الترياق . وبفقدانها ،ظلت الحياة تدب في أرواحنا كما لو أن شيئاً لم يحدث..
قد يغدر الإنسان بالإنسان ، قد لا يشعر الإنسان بالإنسان ، وقد – يا صاحبي – يُعادي الإنسان الإنسان ، كل هذه المؤلمات من الأمور الصادرة مني ومنك أيها الإنسان قد حدثت بالفعل ! وما لم يحدث – وهو ما سينقذنا من أن نغرق أكثر مما نحنُ غارقون – أن نُحب الأمور الثمينة في حياتنا ، وأعني بالأمور الأشخاص أو الأشياء المادية أو حتى مواقف ! الحب الذي يؤهلنا لأن يجعلنا نسعد بوجود هذا الشخص أو ذلك الأمر في حياتنا ، لكن غيابه لا يسلبُ منا ابتسامتنا ، ألا يسرقُ منا العُمر الجميل الذي نحياه ، ألا يجعل معنى الفرح مبتوراً . . تذكر يا صاحبي بأن كثيراً مما كُتب ، كان سهلُ التدوين ، صعب التنفيذ ! وأنّك بعد كل شيء . . إنسان !
+
اللهم احفظ لي أمي ، وجهها وصوتها ، حبّها وقلبها ، وكل ما فيها لم أجدهُ في غيرها . .