♥
السّــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل ساعة من كتابة هذه الأسطر أو ما يُقاربها كنتُ أبكي ، نعم بكيتُ و أبكاني د. أحمد خيري العُمري ، أبكاني لثقل ما جاءني منه عبر كتابه غريب في مجرة ، فقد قررتُ قراءته ريثما انتظر أمراً يستغرق 10 دقائق .. ولمْ أدري بأن تلك الـ 10 دقائق تمتدّ لأغرق بتفاصيل الـ 154صفحة ! ، لن أتحدث هنا عن تفاصيله الموجعة التي سردها ، سأتحدث عن ثاني أمر دعاني للبكاء قلباً ودمعاً !
يقول د. العُمري : ” دوماً كنّا نتصور أننا سنُحاسب على أفعالنا ، وها هي ذي الحقيقة تُكشف لنا أننا سنُحاسب أيضاً على ما لم نفعله ، على ما كان يجب أن نفعله و لمْ نفعله ” .
أتساءل كثيراً هل سبق وأن بكينا لأشياء لم نفعلها ؟ لا أقصد تلك الأشياء الشخصية التي تُشبع حاجاتنا ! بل تلك الأشياء التي خلقنا الله من أجل أن نفعلها لكننّا وبكل بساطة أحكمنا تمزيقها بأيدينا .. بأناملنا ومن ثمّ حددنا مصيرها .. إلى أقرب وأوسع سلة مُهملات ! هل سبق وأن رأيتَ مُنكراً فشعرت بغصّة يلوكها قلبك ؟ وحده ؟ ثمّ حدث أن تجاهلتَ شعورك وأكملتَ حملة غضّ الطرف ! ولكنّك تعلم بينك وبين نفسك بأنك مُحاسب ؟! حتّى على تلك الأشياء التي لمْ تفعلها : “(
هذا الأمرُ – عدم فعل شيء – يتعدّى المنكرات لنعيشه حتّى في أدق الحياة المعيشية ، كثيراً ما يحدثُ أنْ نجعل بوتقة اهتمامنا في تلك الأشياء التي نفعلها كالصلاة والاهتمام بأدائنا الوظيفي .. الخ ، ولا تزال حقيقة اهمالنا في وظيفتنا الأساسية ( خليفة الله في الأرض ) حقيقة واهية لم نستشعرها بعد . ما معنى كل هذا ؟ ما الذي نفعله لنتجنب ( ألا نفعل شيئاً ) ؟
معنى أن نكون خُلفاء الله في أرضه ، ألا نكتم العلم ، أن نبثّ الخير أينما كنّا ، أن نستميت في سبيل تحقيق شيء مهما صغر كما فعل د. العُمري .. حيثُ استطاع أن يختم القرآن في ليالٍ ثلاث قُرباناً لله من أجل أن يهديه لطريقة سوية لهداية أحدهم !! أن تكرّس جُهدك ووقتك ومالك وفكرك وكل ما فيك من أجل أن تفعل شيئاً خيّراً أياً كان فذاك يعني بأنّك تُودع في رصيدك الكثير من الحسنات ، الحبّ ، القُربان لله .
نماذج من ( فعل شيء ) من حياتي الشخصية : صديقتي أنشئتْ مجموعة قرائية في البلاك بيري ، نتذاكر الخير سوياً ونتعارف فنتآلف ، شخصٌ مجهول جعل من اسمه في البلاك بيري أيضاً ( الترغيب والترهيب ) حيثُ كرّس جُلّ جهوده في نشر السيرة والأحاديث الصحيحة ، صديقة أخرى ابتدعتْ فكرة شبابية لتقديم النصحية للفتيات في الأسواق حيث صمّمت بطاقات بعبارات عامية شبابية تحثّ من خلالها للالتزام بالحجاب وما إلى ذلك وزيّنه بالشرائط وخبّئته في حقيبتها ، فكانتْ تُخرجه عند الحاجة … الخ .
أعلمُ بأنّ في حياة كلّ منّا أشخاص ( يفعلون شيئاً ) بطريقة أجمل ، بأسلوب ألطف ، أحياناً تجيء على شكل حملات أو ما شابه ذلك ، مما يجعلنا نُجهض مشاريعنا الصغيرة وتُصيبنا حمّى الخجل من تقديم شقّ تمرة ! بينما لا ندري بأن ذلك الشقّ هو المُنقذ لأحدهم – بعد الله .
لنكنْ مُبادرين دائماً لفعل أي شيء ، ولنتذكّر ( لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ) ، ولنُحيي النيّة قبل كلّ شيء ، ومن ثمّ نُشرع في الإصلاح بين اثنين ، إماطة الأذى ، بثّ روح الأمل في أرواح اليائسين ، الابتسام للعاملون ، الدعاء لكل المسلمين .. الخ .
ويقول ذاك الذي أبكاني : ( بعض أهمّ الأمور وأثبتها ، تبدأ عاديّة وعابرة )، فقط لنأخذ خُطوة ، ونصدق النيّة وأنفسنا ، ندعو ، نخططّ ، نُشرع في العمل . بعض أعمال الخير لا تحتاج لتخطيط ، فقط افعلها كما هي .. اقرأ ، انشر معلومة ، لبّي دعوة ، ساعد ، ايقظ نائم للصلاة ، داعب طفلاً .. لا لفصل الدين عن الدنيا ، لا لفعل الخير المحصور للأمور الدينية ! فالخير عام فعلامَ نخصصّه ونقلصّه وقابليته للتمدد قائمة ؟!
كلّ ما كُتب هنا هو من باب ( فعل شيء ) ، وملخص كل ما سبق هو مدونة ( متطوعة ) ففيها كل ما أودّ قوله يا كرام ، أن تجعل حياتك لله ، أن تنشر الخير حتى لو تعذّر عليك تنفيذه ، فلربما تبنّى أحدهم ما ذكرته وكسبتَ أجره : )
أختمُها بقول مُبكيني ، حيثُ قالها حينَ أرسل الله له إشارة لبداية استجابة ذاك الإنسان ( مشروعه الذي أضناه ) :
( كنتُ دوماً أؤمنُ بأنّ الكلمة يُمكن لها أن تُغيّر ، يُمكن لها أن تفعل المُعجزات ، كان ذلك مصداقاً لما آمنتُ به دوماً )