الرئيسية كَوبُ حَيـاة الوقت غير المُناسب ، مناسبٌ جداَ !

الوقت غير المُناسب ، مناسبٌ جداَ !

بواسطة إيناس مليباري

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

chance

حين انتهيتُ من كتاب الفرودس المستعار والفردوس المُستعاد ، أضفتُه لقائمة العناوين التي أرغبُ في التدوين عنها . في البداية كانت القائمة تحوي عنواناً واحداً ، وبصورةٍ لم أخطط لها ، تناسلتْ هذه القائمة حتى حَوَت كتباً ، ومواقفاً ، وشُؤوناً أخرى في الحياة تستحق أن يُدوّن عنها . بعدها ما الذي حدث ؟ لم أدوّن عن أياً مما كُتِب ؛ ذلك لأنني بغيتُها تدوينات مُكتملة جداً ! كنتُ أُمنّي نفسي بقولي لها : يبدو أنّ هذا الوقت غير مُناسب !

والذي قد نتج من انتظار الوقت المناسب ، هو ضياع الأوقات المناسبة ! قد تأتيك الأوقات المناسبة مُحاطة بعقبات ، وإذا نظرت لها بسطحها ، ستظن من نظرتك الأولى بأن الوقت لم يحنْ بعد لحدوث ما أنت راغب به . الوقت المناسب لإتمام المهام لن يوقظك من نومك ، لن يرافقك كظلك حتى تتنبّه له ، لن يبكي أسفاً لأنك أحسنتَ التفريط به ، لن يحدث من هذا شيئاً ، ولكنه أيضاً ، لن يكون كالقطار الذي يأتي مرّة واحدة ولا يعود ، الوقت المُناسب لن ينفلت منك بسهولة ؛ ذلك لأنّ الله كريم رحيم ، أودَع في الأوقات المُناسبة – والتي يراها المرء أوقات غير مُناسبة – إمكانية ظهورها وإطلالتها عليك ، حتى أن ضيّعتها مرة أو مرتين . . أو حتى ثلاث مرات ! لأن الله يُمهلني ويُمهلك ويُمهل كل من يحتاج للوقت والفُرصة المُناسبة لأي أمر يرغب في حدوثه  .

في الحقيقة ، إننا لا نفوّت الوقت المناسب باختيارنا يا رفاق ! ما يحدث هو عدم إداركنا بأن وقت حدوث هذا الأمر – الذي نرغبُ به – قد حان . ويعود سبب عدم ادراكنا ؛ لأن الوقت المُناسب بالنسبة لصاحبه يكون كالمطر الذي يسبقهُ تقلّب الأجواء ، تضطرب السماء ، تخشى على نفسها ، منها ! ترعدُ وتبرقُ وفي نهاية المطاف . . يهطل المطر . وهذا ما يحدث تماماً مع الوقت المُناسب ، لن تكون الظروف التي تتمناها مُهيأة سلفاً ، الله سيُرسل لكَ بذرة واحدة فقط ، وعليك صُنع الظروف الملائمة لها لكي تنمو ، الله أرسل لك البذرة ، وكلّفك مهمة الحفاظ عليها . وفي أكثر الأحيان تكون هذه البذرة هي الشيء الذي لو أنفقتَ مال الأرض ، لم تكن لتحصل عليها ! قد تكون في ابداء رغبة ابنك بأن يبتعد عن التدخين ، أو لُطف قريبك لطالما رغبتَ به ولم تعلم كيف السبيل للقُياه . البذرة في الغالب تكون النوايا ، والأشياء القلبية التي نرغب في أن يكون عليها الطرف الآخر لكي يتم ما خططنا له .

في مقال – نسيتُ اسمه ! – للكاتب ثامر شاكر ، كتب فيه يردّ على من يتّهمه بأنه لا يعيشُ في واقعنا المؤلم ، في الوقت الذي يزدادُ نزف جراح الأمّة ، ويُهتك عرضها ، ويموتُ أطفالها وشيوخها ، وتترمّل نساءها ، تستمرّ أنت بالكتابة عن شؤوناً مُخزية ! عن الحب ! كان رد ثامر واضح جداً ومنطقيّ جداً . يقول في معنى القول بأنه إن انتظر حتى تلتئم الجراح ، وحتى يكتسي العالم السعادة – والذي لم يكن في أيّ من العصور سعيداً مائة بالمائة ! – ستفنى المعاني الجميلة التي يتوق الكثير من الناس ومن ضمنهم ” أصحاب المُعاناة ” إنهم يتعطشون للكلمة الطيبة التي تُطمئن قلوبهم بأنه ثمة أشياء جميلة على الضفة الأخرى يمكن أن يعيشها المرء ويحيا بها . قد تكون أصدق صور المواساة أن تكتب نقيض ما تشعر به أو يشعر به من يهمك أمره ، إنك بذلك تدعمه بطريقة ذكية جداً . وأمّا عن معاناة العالم الإسلامي والعربي ، فله كُتّابه الذين يستمرون في الكتابة عنه . ثامر لم ينتظر الوقت المناسب ، بل استدعاه .

تحيّنوا الأوقات التي تجدونها غير مُناسبة لتفعلوا ما ترغبون به . تساءل فقط : كيف يمكن فعل ذلك بطريقة أخرى تُناسب ما يحدث معي الآن ؟ كن على استعداد لوضع خطة بديلة دائماً . و اطلب من صاحب المعونة أن يُعينك دائماً .

You may also like

6 تعليقات

د. عائشة 23 مارس 2013 - 4:12 م

بارك الله. فيكي ولك و عليك عزيزتي مقال رائع جدا . انار الله بصيرتك. ورعاك.

Reply
محمد مليباري 23 مارس 2013 - 6:29 م

كالعادة مقال رائع
حان الوقت المناسب لنستمتع بقراءة ( كتابك )
وفقك الله و سدد خطاك

Reply
سوسن امين 23 مارس 2013 - 10:45 م

في بعض أحيان يضيع وقت وفرص وفوائد كثيرة تحت هذا المسمى” انتظار الوقت المناسب”, ويكون هذا الانتظار مجرد وهم لتسويف وتأجيل أعمالنا وأقوالنا

Reply
إيناس مليباري 24 مارس 2013 - 1:49 م

د. عائشة ؛
” منورتني يا اوشا ” :”)
وباركَ فيك ونفع الأمة بعلمك ،
سعيدة بحضورك : )

محمد ؛
بفضل الله ثم دعواتكم ودعمكم ، إنني أُبلي بلاء حسناً : )
دعمك يعني لي الكثير ، أشكر متابعتك : )

سوسن ؛
إنه التسويف المبطّن يا صديقتي ، نستعيذُ بالله منه ومن شرّه !
شكراً لحسن الحضور والمتابعة سوسنتي : )

Reply
T@rek 25 مارس 2013 - 9:52 م

تنضج تدويناتك مرة ً إثر مرة.. يبدو أن هناك ما يصقلك ِ , شخص أو حدث , حزن أو فرح ..

لماذا تضيع الأوقات/الظروف المناسبة ؟
1- هو ما قاله سيد المرسلين في حديثه : { نعمتان مغبون بهما الإنسان : الصحة و الفراغ } …. لأننا نشعر أننا نمتلك الوقت , لذلك لا نخشى من فوات الفرص
2- فكرة غريبة عن ضرورة أن تأتي ظروف معينة وفق ترتيب معين و تقول كلاما ً محددا ً / أنا الفرصة المناسبة لتفعل كذا , فهلّا انتهزتوني ؟ /

——
أما موقف الكاتب ثامر شاكر فأنا أراه هو الموقف الصحيح …
لماذا نريد ممن ينتشلنا من مشاكلنا أن ينزل فيدفعنا من الأسفل ؟ لماذا لا نقبل به يمدّ لنا حبلا ً من الأعلى؟
كيف نضمن أن منّ سيبكي معنا , لن يبكينا أكثر ؟ ألا ترون أننا في ما ندعوه بالعزاء … ” و خاصة ً في عزاء النساء ” كلما غفى البكاء جاءت من أيقظته ببكاءها !!؟!

و كشهادة شخصية يا أختي إيناس , فأنا أدخل لمدونتك لأنتشي بالتفاؤل الموجود في كلماتك و رؤيتك للجانب المشرق في كل شيء … و هذا يستلزم جهدا ً غير قليل …. تُرفع القبعة لك ِ لأجله 🙂

دمت ِ نجما ً نهتدي بنوره في ظلمات الأيام

Reply
إيناس مليباري 29 مارس 2013 - 5:31 ص

ليست التدوينات من تنضج ، بل كاتبتها .. ثمة شيء مما ذكرته ، قد حدث .. ولازال يحدث :”)
إضافتك ثريّة ومقننة جداً ، إننها نستهلك أوقات الفراغ ( المناسبة ) في تسويفها ؛ لعلمنا
يقيناً بأننا نمتلك أوقات فراغ أخرى !

أسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن حسن قوله وعمله ، ويهدنا لصالح الأعمال : )
أشكر حضورك الثري كما هي عادتك ، ولمتابعتك أجلّ التقدير والاحترام :”)

Reply

اترك رداً على سوسن امين إلغاء الرد