الرئيسية كَوبُ حَيـاة عفواً ، تعذّر حجبه !

عفواً ، تعذّر حجبه !

بواسطة إيناس مليباري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استحضرتُ مقالاً للكاتبة السعودية بلقيس مرّ عليه ربما أكثر من سنة لكن مادعاني لاستحضاره هو القصة التالية :
في مجموعة قرائية عبر البلاك بيري تم التصويت لرواية الخيميائي لكاتبها باولو كويلو ، بدأت المناقشة إحداهن مُستفسرة بشأن حكم قراءتنا لبعض الروايات التي تتضمن ” قدح في الدين ” كوجود بعض الكلمات على غرار : ” آلهة الغابة ، يُمسك بيد العجوز ويحلف وهو ينظر في صورة المسيح وتتضمن القصة بأن تلك العجوز وكأنها تعلم الغيب “ .
فتمت مداخلة أخرى من إحداهن لتنصح أصحاب النادي بضرورة اللجوء للقراءات العربية والإبتعاد عن العلم الغربي ، وأن الذي نفعله هو من وساوس إبليس !


أنا وإن كنتُ غير مُفتية ولا عالمة بأمور الدين لكني أعتقدُ جازماً بأن القراءة : ثقافة . وبأن المرء متى ما كان بين يده كتاب لمؤلف غير عربي فليتوقع وجود أمور غير شرعية لكنه يستطيع تمييزها وتجاوزها وليأخذها من باب التعرف على أفكار الغير ليس إلا . كما أن هناك مؤلفات عربية تتضمن الكثير من التجاوزات الدينية ، يكثُر ذلك في الروايات ذات الطابع الرومانسي ، فهل الحل هو أن نعامل عقولنا كأطفال نخشى عليهم أن تصيبهم نازلة ؟ أم أن نعاملها على أنها راشدة ونجعلها تُواجه شتى المعارف لتكتسب من كل منهم ما ينبغي ؟ وقولي هذا قياساً على ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حين استأمن أحد المشركين ليدله على الغار من طريق لا يعلمه أحد .

هي ليستْ دعوة للإنغماس في الثقافات الغربية بقدر ما أنها ومضة لأن نعيد التفكير في بعض مفاهيمنا والتي من ضمنها التدين . أنت لا تستطيع حجب كل الأمور عن عقلك ، وإن نجوتَ بفعلتك هذه بالكف عن القراءات فثمة أمور أخرى في الضفة التالية لك من الحياة ستراها وستعيشها .. وربما ستشعر بالكثير من الشتات إن كانت تمرّ عليك لأول الأمر . ولكن أنوه على أن القراءة في الديانات الأخرى تتطلب تحصين معرفي للدين أولاً لتلافي التصديق أو التشكيك فيما أنزل الله به .
كيف يسعنا الاكتفاء بالقراءات العربية ونحنُ في بعض المجالات لم نتوصل لما توصّل إليه الغرب ؟ فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ بها.

تقول الكاتبة بلقيس :

في المدرسة علّمونا بأن الذي لا يُصلي جماعة في المسجد فهو : مُنافق ! أبي كان واحداً منهم ، وبأنّ شارب الدخان : فاسق ! أخي محمد كان واحداً منهم ، وبأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها : صديقة سُوء ! وزميلتي الشيعية: أكثر خُبثاً من اليهود ! وبأن خالي المثقف : علماني !
لكنَي اكتشفتُ بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبّلني كل ليلة قبل أن أنام ، ويترك لي مبلغاً من المال كلما سافر من أجل عمله .أخي محمد كان أيضاً أكبر مما تصورته عنه ، محمد يرأسُ جمعية خيرية في إحدى جامعات استراليا .
أما كيف أقضي وقت فراغي ؟ فكانتْ صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي ، لقد تعلمنا سوياً كيف نغزلُ الكنزات الصوفية ، وندهنُ العلب الفارغة لبيعها في مزاد لصالحِ الأٌسر المحتاجة .
زميلتي الشيعية ؟ هي من أسعفتني أثناء رحلة لحديقة الحيوانات . يومها سقطتُ في بركةٍ قذرة للبط ، فلحقتْ بي وكٌسرت ذراعها في الوحل من أجلي .
خالي ؟ هو من بنى مسجداً وسمَاه باسم جدتي .. وأنا ؟ لا أزال أتساءل : لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين ؟

هناك أمور يكون إنصافها بالقول بأنها رمادية لا هي بيضاء ولا هي بتلك العُتمة : )

زاوية ؛

تم إنشاء صفحة للمدونة على الفيس بوك ولله الحمد باسم : مدونة سمفونية حواء  ، ففيها ستجدون جديد المدونة كما ستجدون إيناس تدون أموراً شتى ، كما أنني تركتُ لكم مساحة وخاصية السماح لكتابة الزوار على الصفحة : )

You may also like

5 تعليقات

ميمي 9 يونيو 2012 - 4:00 م

أعجبتني مدونتك إيناس وسعدت بالتجول فيها من الآن من متابعينك ان شاء الله
جميل ما كتبتيه ومبدعة كما أعجبت بصفحة المدونة على الفيس بوك
تحياتي وتقديري
ميمي
هامش ؛؛ أتمنى أن تزوري مدونتي اتشرف بذلك :))
http://memi2012.blogspot.com/

Reply
عُلا وتد 10 يونيو 2012 - 1:09 ص

الكُتب هي اقصر طريقة لاقتحام حضارات جديدة ومختلفة!
الكلمة ثقافة!
لطالما نُهيتُ عن قراءة كُتب لما يُنافي ديننا او تقاليدنا او مبادءنا… ولكن ان لم اقرأ اسلوب غيري في التفكير ولو اتعرف على دُنياه من اين لي ان اكتسب الحُجة حين اناقشه ؟؟..
الكُتب ثقافة 🙂 .. والمعرفة ابدًا لا تضر!

تدوينة رائعة جدًا 🙂

Reply
إيناس مليباري 10 يونيو 2012 - 3:43 م

ميمي ؛
أهلاً بك صديقة ومُتابعة جديدة للسمفونية التي ترحب بكِ : )
كما أنني تركتُ لكِ تعليقاً في عالمك اللطيف كحضورك : )
سررتُ بحضورك : )

علا وتد ؛
سؤالك المطروح يوجز ما نود الوصول إليه :
أنى لنا حجّة المناقشة إن لم نتعرض لبعض ما يٌشتتنا ؟
أصبتِ وأحسنتِ القول ، شكراً لحضورك : )

Reply
سوسن امين 12 يونيو 2012 - 12:06 ص

علينا أن نقرأ لمختلف الشخصيات ومن مختلف البلدان ولا نتبع أو نتأثر بأي فكرة خاطئة, ديني و عقلي هما من يساعدني للتمييز بين الخطأ والصواب, لا أرضى بالقناعات والتعميمات الخاطئة التي يحاول بعض الناس فرضها وتقبل اختلافات الناس عن بعضهم يجعلنا نتعايش مع بعضنا في مودة واحترام. سعيدة جدا بصفحة المدونة على الفيس بوك, شكرا لكِ

Reply
إيناس مليباري 12 يونيو 2012 - 5:26 م

عليكِ نور سوسنتي ()
الاطلاع على الثقافات الأخرى مع التحصين المسبق كفيل لأن يوسع
آفاقنا ويُطلق ألسنتنا بالحق والصواب

تذكري بأني فعلتُ ذلك لأجلك : )

Reply

اترك رداً على إيناس مليباري إلغاء الرد