الرئيسية إينَـاسِّيات … ثمّ أتى الحجّ/3

… ثمّ أتى الحجّ/3

بواسطة إيناس مليباري


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

mina2

(7)

ولما عُدنا، بعد عناء الوصول، حزمتْ إحداهنّ حقائبها، وأخبرتنا بأنها مُغادِرة! تقول بأنها لا تُريد أن تكون حجتها الأولى، على هذا النحو من الضجر حول أشياء كثيرة في الحملة، ذهبتْ لمكانٍ آخر، لا نعلم ماهو، رحلتْ وقد علّمتنا درسًا لطيفًا، إن لم تكن راضٍ، فحاول الإصلاح، وإذا لم يتحسّن الوضع، ولم تستطع (مسك لسانك) فغادر، بصمت! أمل، كانتْ نموذجًا رائعًا، للرحيل الصامت، يارب اغفر ضجرنا الذي ما نشعر بقيمته، إلا لما نُرضعه لمن حولنا!

(8)

يوم النحر، يوم تنحَر فيه كل عاداتك السيئة، ومُعتقداتك الباطلة، استيقظنا على خبر حادثة الجمرات! وفيّات وإصابات! اتصالات ورسائل،نُطمئن من سأل، وداخلنا مُضطرب! يُجبرك الموقف أن تتخيل، لو كنت واحدًا من هؤلاء؟ ممن كتب الله لهم، أن يوم النحر، آخر أيام حياته، يا الله! كيف سأعوّض تقصيري في اليومين الماضيين؟! هل لو علم الذين ماتوا -رحمهم الله- أنهم سيلقون حتفهم في هذا اليوم، هل كانوا سيفرّطوا ثانية واحدة في عرفات؟ كما فعل الكثير! ياربّ اجعلنا ممن يذكروك في الرخاء قبل الشدّة.

(9)

تلقيتُ اتصالاً منها، تذكّرني بأن أحذر من الاحتفال بالعيد واحتساء الشاي وأن يُنسيني ذلك، ذكر الله، يوم النحر، عظيم عند الله، ومن يُعظّمه، فهو المحبّ له، حقًا. كلّ ذلك يسيرًا في القول، عسيرًا بعض الشيء، في التطبيق، يوم أن تجد كلّ من حولك، “يدردشون” وقد يطيلون الجلوس بالساعات، وأنت في ركنٍ قصيّ عنهم، تذكر ربّك في يومه العظيم. لما تلحّ على الله بشيء، ووافق إلحاحك، صدقك فيما تسأله، فإنه يُعينك، يؤخر أمورًا لك، من باب الإعانة، ويقدّم لك أخرى، إعانة لك أيضًا. الله في ذلك اليوم أخّر رمينا للجمرات؛ لحكم كثيرة، من بينها، حتى تفوتنا “حفلة الشاي”، معونة الله كانت في شعورنا بالإنهاك، والتماس من حولنا العذر لنا لعدم الإنضمام لهنّ، الله الكريم. لا يترك قلبًا صادقًا، إلا ويُخرجه مخرج صدق، كما أنه أدخله مدخل صدق.

(10)

ولما نوينا، أن نطوف طواف الإفاضة، تعسّرت علينا المواصلات، وعقب العسر، تسخيره لنا لحافلة، تقلّنا، استبشرتْ! والآن أقول: أنني اطمئننتُ (للخير) ولم أطمئن لله! فجأة، توقفت الحافلة، وقال سائقها، بأن الطريق نحو الحرم مغلق، عليكم بالنزول! وإكمال الطريق على أقدامكم، حتى تصل للبيت العتيق، تحتاج لساعة ونصف من المشي! كان ذلك يسيرًا لو كنت بمفردي، لكن أمي! ياربّ ركنتُ للخير، فمنعتني عنه، حتى لو كان الخير، يؤدي قلبي نحوك؟ قررنا العودة، حتى العودة كانت أشدّ عُسراً من سابقتها، أخذتْ الحافلة تدور وتدور، تجمع أناس، وتُنزِل آخرين! طافت بنا، كما رغبنا بأن نفعل! لكنه طواف تربية وتمحيص، عُدنا دون طواف إفاضة! قد تكدّ وتسعى في شيء ما، ويهيئ الله لك الأسباب؛ لأن تتمه، لا تفرح بالخير، ولكن احمد الله، واطمئن لجنبه، حتى لو منعك، فاطمئن له. في كلّ ما تسعى له، يترك الله جزءًا صغيرًا، يبتليك به، يبتليك بإنجازاتك، يبتليك بإسباغ نعمه عليك، احذر أن تفتتن!

(11)

وافق يوم القرّ، يوم الجمعة، ياربّ فضيلتان مُجتمعتان! خططنا للرمي وقت العصر؛ حتى نغتنم ساعة الإجابة الفاضلة، أنت تخطط، وتبدع في التخطيط، والله يُدبر لك الذي يزيدك تقوى وإيمان. لم تُجدِ مخططاتنا نجاح! ولمّا غابت الشمس، دون أن يُيسر الله لنا الرمي، هذه المرة، اطمئننتُ لجنبِ الله، لم تجزع النفس، ولم يزبد القلب ويرعد! الحمدلله. رضيتْ ياربّ. ولما توجهنا، ليلاً، للرمي، الله أبدلنا عوضًا عن الوقت الفاضل، ثلاث أوقات فاضلة! هطل المطر، وأذّن العشاء، ودعونا الله في الجمرات! ياكريم! ذكّرنا بكرمك في المنع قبل العطاء! الدرس المهم، هو ألا تنتظر (العوض منه) مُقابل كل شيء، تتركه من أجله، أو تفقده دون أن يكون لك قرار فيه؛ حتى لا تكون علاقتك مع مولاك، قائمة على ما تقوم به حياتنا مع الناس في كثير من الناس، إذا أعطيته، لابدّ أن يعطيني! لله الكريم يعوضك، قد يعوض قلبك، بمعنى جديد، أو إيمان راسخ، تفقّه لآياته فيك؛ لتُفلح.

يتبع..

You may also like

1 تعليق

فاطمة جاوي 2 أكتوبر 2015 - 8:02 ص

تعجبني يومياتك …

يارب دائما تكتبي وتعطينا الشيء المفيد ،،

💞💞💞

Reply

اترك تعليقا