الرئيسية كائِنات حسيَّة ” شخْتك بخْتك ” !

” شخْتك بخْتك ” !

بواسطة إيناس مليباري

♪ 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استفهام

من فترةٍ لأُخرى ، أصبح من المُشاهَد رؤية العديد من الفعاليات الموجّهة للأطفال ، من جِهات مُختلفة ، وكذلك توجّهات متعددة . وفي الواقع هذا مما يسعدُ له الخاطرّ ؛ حيث كان من النادر أن يحظى أطفالنا بفعاليات لهم ، لا لغيرهم ! تسنّى لي حضور العديد من هذه الفعاليات  ، في هذه التدوينة قررتُ أن أسلّط الضوء على ما شاهدته وعاينته بنفسي .
للتنويه : لا للفسلفة في هذا المقام !
تنويه آخر :شختك بختك ” تعني ” إنت وحظك ” ! 

إذا أردتَ بدايةً أن تُقيم أي نشاط أو فعالية ليس للطفل فحسب ، الكبار يشملهم ذلك أيضًا ، يتعين عليك معرفة العديد من الأمور ، التي يؤدي معرفتك وإلمامك بها ، نجاحًا متوقعًا – بإذن الله – لما تنوي فعله :

 1. الفئة العمرية المُستهدفة :
يظن البعض منّا أن أي نشاط يُعد للطفل ، فهو صالح لجميعِ الأعمار ، هذا الاعتقاد يُشبه تمامًا حين تقول لأحدهم : زُرني في مدينة جدة ، حيث أقطن ! ما الذي يُفيدك كمخطط للنشاط في معرفة العمر المُستهدف ؟ يفيدك في كون لكل مرحلة خصائصها ، الخصائص هي المفتاح السري لك ! أطفال الثالثة مثلاً لا يحبون الأنشطة الجماعية ، بينما أطفال السادسة كذلك ! أطفال الرابعة يكونون صداقات وبالتالي يمكنك تصميم لُعبة جماعية ، أطفال الخامسة يحبّون التحدي والمُنافسة ، كل هذه أمثلة تعينك على اختيار النشاط المناسب وفقًا للعمر .
2. النشاط كفعالية مستقلّة :
أذكر بعض الفعاليّات التي حضرتها ، كانت عبارة عن أركان يزورها الطفل ، في كل ركن يمارس فكرة ما تخدم الهدف الأساسي ، أيًا كان هدف الفعالية ، كنت ألحظ الفرق في تنفيذ وإخراج بعض الأركان ، بعضها مرتب جدًا ، من فكرة وأدوات ، ووضوحها للطفل ، وبعضها كان للأسف كأنه وُضع – ترقيعًا – للناقص ! اهتم بكل نشاط تُدرجه في الفعالية ، وكأنّ كل نشاط فعالية مستقلّة بذاتها ، وهذا هو الإحسان .
3. الأدوات والخامات الُمستخدمة :
حسنًا ، الأطفال وإن كبروا سيظلون أطفالًا بعين مربيهم ، هذا لا يعني أن تُعطي طفل الرابعة مقصًا للكبار – مثلًا ! اجتهد قليلًا في البحث عن أجود الأنواع التي تتحمّل عبث أكبر عدد ممكن من الأطفال ، فمثلًا إن كان هناك نشاط يتطلّب عرض بطاقات ورقية ، فمنٓ الإحسان أن تُغلّف حراريًا قبل عرضها ، ساعد أدواتك  على أن تُحافظ على  رونقها حتى نهاية الفعالية . أقول هذا من واقع ما رأيت ، من ( دمار ) بعض الأدوات ، بعد مضيّ ساعة من الفعالية ! توقّع الأسوأ حسن تخطط ؛ حتى تتفاداه .
4. المُخرج النهائي للنشاط :
وأعني بذلك طريقة ترتيبك للأدوات لو كانت على الطاولة مثلًا أو في منطقة مفتوحة إن كان النشاط لعبة حركيّة مثلًا . احرص على وضع الأدوات بحيث تكون واضحة للطفل وتكون بذلك ارتحت من عناء سؤاله لك عن مكان شيء ما . شيء آخر : ضع في حُسبانك انتهاء الأدوات من قبل الأطفال ، اجعل المجموعة الثانية من الأدوات في مكان قريب وواضح منك ، بحيث تقوم بتعبئة الناقص بسلاسة ، وحتى تتجنب الارتباك ، فيما لو كان الجوّ مزدحم ، الازدحام يزيد من توتر أصحاب الأنشطة ، لكن بحُسن الترتيب ، لا يحصل ذلك بإذن الله .
5. أين أضع مُنتجي ؟
هذا السؤال المحيّر الذي سمعته كثيرًا من الأطفال ، في عدّة فعاليات ، حين يقوم الطفل بعمل فني مثلًا ، واحتوى هذا العمل على الألوان السائلة التي تحتاج إلى بعض الوقت لكي تجف ، تجد الطفل حائرًا ، لا يعلم مايصنع في الذي يحمله بين يديه ! والأكثر غربة هو حيرة المُشرف عليه ! اذكر أن طفلة سألت إحداهن عن مكان وضع عملها ، الأخيرة أصيبت بالهلع ! من الواضح أنها لم تضع هذا الجزء المهم في الحسبان ، وبالتالي مالم يخطط له ، يُربك ! أخبرتها : ” اممم ممكن تحطيه هنا ” ثم انتبهت إلى وجود أقمشة على الجدار ؛ مما قد يصبغها بالألوان ، فقالت : ” لا بل حطيه هنا أحسن ” . إذا كان لديك طفل أو طفلان ، بالكاد أنت غير مُلزم بالتفكير في كل هذا ! لكننا نتحدث هُنا عن أطفال لا نعلم عددهم .
6. الوقت :
من أكثر ما قد يزعج الحضور ، هو عدم الالتزام بالموعد ! خصوصًا لو كنت كحاضر ، دفعت رسومًا مقابل حضورك ، وكلِ دقيقة هي من حقك ، فبأيّ حق يُضيّع ؟!! ضع وقتًا افتراضيًا لكل فقرة أو نشاط ، اعتن جيدًا بأوّل ساعة لاستقبال الحضور ! من الفعاليات الناجحة الذين يكتبون وقتًا نصف ساعة أو ربعها مخصصة فقط لانتظار الحضور . حضرتُ فعالية كانت مدتها ساعتين ، لم أحضر ( فعليًا ) إلا ٤٥ دقيقة ! إن لم تكن تُجيد التنظيم ، فاستعن بأصحاب الخبرة والتجارب .
7. الدخول والخروج :
أتذكر فعالية واحدة فقط أبهرني طريقتهم في تنظيم الدخول . كانت المُستقبلات يرتدين بطاقات بحيث لا يضيع الزوار وسط الزحام ! كانوا يضعون حواجز لتكوّن مسارات ، في بداية كل مسار ، تجد مسؤول يقف ويسألك إن كنت مسجلًا من قبل ، أو أنك ستسجل الآن . كل مسار مخصص للمسجلين مسبقًا ، والأكثر إحساناً تقسيمهم لمسارات المسجلين مُسبقًا وفق الأبجدية ؛ حتى يخف الضغط على كل مسار ! تفنن في تنظيم بداية الأمر ، ودقق في نهايته ، فالعبرة بالخواتيم . 
8. الرؤية والهدف :
هل فكرتك تخدم هدفك ؟ هل فقراتك وأنشطتك توافق رؤية مجموعتك أو مؤسستك ؟ أم تخالفه بدون أن تدري ؟ شاهدتُ عرضًا تعريفيًا بإحدى المجموعات ذات الطابع الدينّي ، يؤسفني أن أقول أن العرض كان موسيقيًا من الدرجة الأولى ! كما أنهم ضمّنوا تعريفهم بإمكانية حضورهم لحفلات أعياد الميلاد !!! لستُ متدينة حتى أقول بأني لا استمع للموسيقى ، لكن وجدتُ في ذلك تناقضًا يسوء الناظرين !
9. مقدّم النشاط :
لا أبالغ إن قلت أن هذا العامل ، أهمّ من كل ما سبق ! قد يكون لديك نشاط جميلًا ، ومعدًا بطريقة صحيحة ، لكن من قدمه ، أفسده ! أعتذر على هذا التعبير ، لكن هذا ما شاهدته لدى البعض ! المقدم للنشاط هو من يجعل الفكرة جميلة أو عكس ذلك . اعتنِ باختيار مقدّميك رجالًا أو نساء .
من أهم مواصفات المقدم الناجح :
أن يجيد الترحيب بالطفل بكلمات قليلة ، إحدى أمهات أطفالي أخبرتني أن ابنتها غابت بالأمس ؛ لأنها اكتشفت أن معلمة إيناس لاتحبها ! أخبرتها ابنتها بأني لم أرحب بها كما أفعل دائماً !!! 
_ أن يعرّف بنفسه ، قد يكفي الاسم .  
السؤال عن اسم الطفل من أجل تكوين شيء من الودّ ، وتراعي في ذلك الأطفال الخجولين أو حتى الذين لا يحبون التحدث مع أي أحد .
_ أن يشرح النشاط بكلمات قليلة وواضحة ، وضع خطوط حمراء عريضة حول الوضوح والبساطة . ففي هذا الباب ما أكثر ما تجد العجب العُجاب . يندر أن تجد مُجيدًا لهذا . 
كيف تكون كلماتك واضحة وبسيطة ؟
حسنًا في نشاط لأكاديمية المهندس الصغير ، قدّم النشاط ( المدرّب مشاري ) والذي لم يبهر الأطفال بقدر ما أبهر مرافقيهم ! كان النشاط عن صنع الجسور الورقيّة . بعد أن رحّب بهم وسألهم عن أسمائهم ، قال لهم : ” تعرفوا ايش حنسوي اليوم ؟ حنسوي جسور ورقية ، مين يعرف معنى الجسر ؟ شفتو البيت الكبير اللي نعيش فيه أو حتى الكوبري اللي تمشي عليه السيّارات في الشارع ؟ هادي كلها قبل ما يبنوها ، بنو تحتها أعمدة عشان تتحمل اللي حيبنوه فوقها ) فكّر كيف تفكك الألفاظ حتى تصبح لُقمًا صغيرة يبتلعها الطفل .
_  جهّز إجابات لأسئلة مُتوقعة ، خصوصًا لو كانت فعاليتك نقاشًا أو حوارًا . تذكر الأطفال كائنات مُتسائلة ! بالمناسبة ، أنا أيضًا جهزت إجابة حول الزمام الذي لم ولن يمرّ مرور الكرام للأطفال ! بعد اكتشافي أن وجوده في بداية الأمر يُشغلهم ! فما عاد الأخير يُربكني .
_  يقدم المساعدة لمن يحتاج وذلك بسؤاله إن كان يحتاج لمساعدة .
_  يكتب أسمائهم على المنتج ، مع كتابة ألقابهم ؛ تحسبًا لوجود طفلان بنفس الاسم .
_  يشكر مشاركتهم ، كلمة واحدة صادقة بابتسامة ، تكفي لذلك .
ما سبق كان من أهم ما يجب مراعاته ، ومما لا يجب إخفاؤه هو وجود القصور في أنفسنا قبل غيرنا ، لكن كلّفنا الله بأن نجتهد حتى نسمو في كلّ صادر منّا. أشكر  كل الجهود المبذولة ، أقدّر أتعابكم ، هذه التدوينة لا تعني الانتقاص ، بقدر ما تعني الرغبة لتقديم الأفضل بإذن الله . نأمل بأن تُمحى كل فعالية بُنيت بقاعدة ” شختك بختك ” !! وأن تكون قد  :

خُططت بذكاء ، وحُفّت بالدعاء ، ثم نُفّذت بحبّ   

 

 

 

You may also like

اترك تعليقا