الرئيسية إينَـاسِّيات نوفمبر الرجاء

نوفمبر الرجاء

بواسطة إيناس مليباري

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

heart

ثمة أمور نفعلها طوعاً في بادئ الأمر ، نكون مخيّرين بين أن نفعلها أو أن نُحجم عنها ، ولحاجة نجدها في الفؤاد ، نقرّر أن نمضي في هذا الأمر قُدماً ، وكلما توغّلنا في هذا الأمر الذي ” كان ” اختيارياً ، الذي كان مجرد خاطرة لكنه غدا مشروعاً نُمارسه ، نعيشه ، نجد أننا قد قطعنا شوطاً لم نكن نتوقع أننا سنجتاز كل الذي اجتزناه بمعونة من الله ! حينها ، منا من يفكر بأنه قد يتوقف ، فقد اكتفى بالذي قد أنجزه وحصل عليه ، ويذكّر نفسه التي تريد أن تتوغل في الأمر الذي كان اختيارياً بأن الأمر في رمّته ” خاطرة ” تكرّم هو بأن حوّلها لشيء يُذكر ! ومنّا من سيعيش شعوراً مُختلفاً ، من سيجد فجأة بأن الأمر الذي كان اختيارياً في بدايته ، قد أضحى اجبارياً أن يُتمّه . الفئة الأولى هم الذين يعتقدون بأن ما حباهم الله به نعمة في أي خُلق جميل أو حِرفة متميزة هو خاصّ به ولا يعني الآخرون في نعمته هذه شيئاً ! الفئة الثانية هم الذين يؤمنون بأن كل نعمة من الله صغيرة كانت أو كبيرة ، فالآخرون لهم حقّ في أن ينعموا بها من خلال هذا الذي أنعم الله عليه .

كان اختيارياً لحظة أن فكرتُ إنشاء المدونة ، كنتُ لا أشعر بشعور سيء إذا لم أدوّن ، لم أكن أشعر إلا أنها مدونة ليس إلا ، لكن الأمر لم يعد كالسابق ، لم أعد أشعر بأني مخيّرة ، في كل مرة أدون فيها ، أتخيل أن شخصاً واحداً فقط في هذا العالم يقرأني ، يقرأ ما أكتب ، أتخيله هذا الذي لا أعرفه ، لا أعرف من أي قارّة يكون ، لكنني في كل مرة أكتب فيها تدوينة أتخيله يخبرني بأنني جيدة ، جيدة للحد الذي يجعله يعتب علي إذا تغيّبتُ فقط لأني لا أرغب في الكتابة ! فليعلم هذا الذي أتخيله ولا أعرفه ، بأنني كثيراً ما كتبت – والله يشهد – حتى لا يكون كسلي حجة عليّ ، أكتب لأني لا أقوى على مواجهة الله يوم لا ينفع مال ولا بنون ، أكتب لأن شخصاً واحدًا على الأقل ينتظر مني شيئاً جميلاً .

وحدهُ الله يعلم ما يعنيه لي الحادي عشر من نوفمبر ، في كل عام منه أعيشه بشعور مختلف ، كما لو أنّه أول نوفمبر يمرّ على قلبي . نوفمبري لهذا العام : نوفمبر الرجاء ، تيقنتُ من معنى أن يفلت الإنسان كل حبائل الأرض ، ولا يتعلق إلا بحبلِ السماء ، ذلك الحبل الموصول بالله ، يرجوه وحده ، يعلّق رجاءه به .   

ولأنّ الله كريم ، رحيم ، لطيف فإني أرجوه أن يمنّ على أبي بشفاء من عنده ، أبي الغائب عن أبناءه ، الغائب عن دُنياه ، الغائب عن منزله ، الغائب عن صلاته أكثر من عشرة أيام بلياليها . ياربّ كل شيء ، يا كبير وكل كبير سواك يصغر بعظمتك ، يا قيوم السماوات والأرض ، رُدّ إلى الغالي صحته رداً جميلاً . واجعل يا ربّاه ما أصابه من ضرّ وبأس كفّارة له ، وارفع درجته في عليين . وطمئن أفئدة انفطرت شوقاً لسماع صوته ، لنظرة عينه ، واهدِ ضلالة قلوبهم ، واغفر لهم تقصيرهم في حقّه ، وتجاوز عنهم ، وارحم ضعفهم أمام سقم عزيزهم ، قوّهم يا الله وزدهم ثباتاً واربط على قلوبهم ، وجازِ كل من جبر قلوبهم بدعوة طيبة ، ودمعة صادقة ، وتذكير بالصبرِ . واشفِ جميع مرضى المسلمين إنك على كلّ شيء قدير . 

الحمد لله الذي أتمّ على هذه المدونة أربعة أعوام ، الحمد لله الذي كانت أفضاله تأتينا تترى ، الحمد لله على كل تسخير لطيف جاء من لدن حكيم خبير ، الحمد لله الذي أجرى النفع الذي كنت احتاجه حتى اجتاز أربع أعوام على قلوب أشخاص يدعوا لهم قلبي كلما تراءت أطياف أفضالهم . شكراً ماس ديزاينرز على جميل الخُلق الذي تعاملون به عملاؤكم ، شكراً لأنكم حين تشعرون بخلل تكونون سريعو الفيئة ، فتعتذرون ولا يضركم ذلك شيئاً . شكراً للمدون محمد التسخير اللطيف من الله ، شكراً لأنك أسست هذه المدونة وأكثرت الصبر على صاحبتها ، ولكثير أفعال صغيرة ولكنها عند الله عظيمة ، شكراً للمدونة والصديقة مها والتي شاركتني لحظات عسيرة وبفضل الله ثم برفقتها كانت يسيرة ، شكراً لأنك كنتِ لطيفة أكثر مما توقعت . يارب دعوتك ثلاثاً أن تُكرم الثلاثي الجميل بكرمك الجميل خاصة ، ولكل من  دعمني ، أسدى لي نصيحة ، قوّم اعوجاجاً ، عامة . 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات 

You may also like

8 تعليقات

ناديه الشهري 11 نوفمبر 2013 - 2:38 ص

ماشا الله عليك كلامك رائع واجمل من رائع اللهم ارح قلبها و اشف أباها فانه لاحول ولاقوه له الا إليك اللهم أسكنهم الطمأنينة وارزقهم الخير أينما كانوا

Reply
مريم مبارك 11 نوفمبر 2013 - 3:55 ص

ورغم كل ما يواجهه قلبك لازلت تطلقين سهام العطاء تترى ….. مااااااأروعك يا ملهمة القلب
صدق حدسك ووالله كنت أحد الأشخاص الذين ينتظرون هذه التدوينه بفارغ الصبر
كنت أتسائل….. أحقآ ستملئ قلبها قوة بعد فراغه من كل حبل أمل لتعود وتكتب ؟! ألن تخون الأنامل الذاكرة ؟!
والملهمون عميقوا الأثر … وأحسبك منهم ولاأُزكيك
ثبّتك الله!
.ولازالت… …عباراتك تسقيني كأسآ يقينآ أعتقد بأنه سيمكث في قلبي طويلآ ينفعني والناس ولن يذهب جفاء بأمر الله
اللهم يالطيف ياطبيب الأطباء والإعتماد على الخلق بضاعة مزجاة وفي الإعتماد عليك أوفى الكيل الذي نُدهش به ولايُعد ولايحصى
انت الأول والآخر والظاهر والباطن جل جلالك وانت على كل شئ قدير اشف والدها العزيز شفاء لايغادر سقمآ قد مسّه الضر
وانت ارحم الراحمين وانت ارحم الراحمين….آمين

Reply
نجود 11 نوفمبر 2013 - 7:32 ص

اغمضي عينيك ليلا ولا تفعلي شيء سوى ان تحصي نعم الله عليك. جربي! أخبريني بالنتيجة وأذكرك بالفضل.

Reply
لؤلؤة 11 نوفمبر 2013 - 8:38 م

حبيبتي ايناس ..بارك الله لك في هذه المدونة القيمة .بارك لك في علمك وعملك ..كلامك مؤثر للغاية فيما يتعلق بصدق الرجاء في الله وصدق التوكل عليه .. والانقطاع من علائق الارض والتوجه اليه سبحانه .. كلامك لامس شغاف قلبي .. أسأل الله بمنه وكرمه أن يمن على والدك بالشفاء التام وأن يخفف من آلامه ومصابه وأن يعوضه عن كل وجع ألم به رفعة ومنزلة في جنات الفردوس وأن يربط على قلوبكم ويرزقكم الرضا والتسليم بقضاءه .. استمري والى الأمام..ننتظر المزيد

Reply
T@rek 11 نوفمبر 2013 - 11:27 م

بالطبع ليس وحده القارئ المجهول من سيعاتبك لو قصرت ِ … إنما نحن أيضا ً : كل معلّق وضع تعليقا ً أو فكر بوضع تعليق …

أمام آلمك يا إيناس … لا يمكنني التعليق بشيء … لكن قلبي يدعو لك ِ و لوالدك .. أتمنى أن يكون هذا كافيا ً

Reply
إيناس مليباري 15 نوفمبر 2013 - 2:08 م

نادية ؛
اللهم آمين ، جزاك الله يا صديقة اشتاق لها القلب .. بعيدة عن العين قريبة من الفؤاد

مريم ؛
يحدث أن يتعثر الإنسان يا صديقتي ..
يحدث أن يستنزف من وقته زمناً وهو يحاول تضميد أثر ما تعثر به ..
ورغم تعثر ذلك الإنسان ، ورغم محاولته لتضميد نفسه ، تظل رحمة الله
تغشاه من كل حدب وصوب .. فسبحان من جعل في ابتلاءاته نِعماً وفتوحات
يفتح بها الله علينا من حيث لا نحتسب ..
لكلامك الطيّب أبلغ الأثر في قلب صديقتك .. صديقتك كثيرة الامتنان لله أولاً ثم
لكل معنى إيماني بثثتِه في قلبها في أيامٍ كانت عسيرة () ()

د. نجود ؛
احصاء نعم الله التي لا تعد ، شعور مبكي ..
يستصغر فيه القلب كل حزن قد يلم به ، ويتذكر جميل صُنع الله به
جزاك الله خير يا خير من ولج القلب ..

لؤلؤة ؛
اللهم آمين لجميل ما دعوتِ به ، ورفع الضر عن جميع مرضى المسلمين بكرمِ منه ومنّة ..
سأستمر بإذن الله من أجل كل زائر مجهول لا أعرفه ، ومن أجل كل حاضر أعرفه : )

طارق ؛
وحُقّ لكم العتاب ، وحقاً علي الوفاء بكل ماوعدتُكم به بإذن الله ..
جزاك الله خير على دعواتك الطيبة ، إنه سميع مُجيب

Reply
علي العمري 18 نوفمبر 2013 - 4:41 م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شفى الله والدتي ووالدك وكل مريض ومريضة بلطفه ورحمته، ووفقهم للصبر والشكر، إن ربي لطيف كريم.

لا أزال حريصا على زيارة هذه المدونة منذ عرفتها كلما سمح وقتي بذلك، وما هذا إلا لأني أرى فيها واحة وارفة الظلال في هذه الصحراء الشاسعة، ولو ذهبت أثني لطال الكلام، ولكن حسبي من هذا كله أن تعلمي بأن هنالك من تقتات روحه بضياء قلمك، ومن يجد في ما تكتبين ملاذا هادئا من من ضجيج الحياة، ودفئا روحيا يحتمي به في شتاءات العالم المادي، فاستمري في الكتابة والعطاء، لعل صرير قلمك ينبه قلبا غافلا، ولعل ضياء حرفك ينير سكة عابر في هذا العالم.
أربع سنوات تكفي للمراجعة والتطوير، وكل عام وأنت لله أقرب، ولعباده أنفع، ودمت بهذا السمو والنقاء.

Reply
إيناس مليباري 24 نوفمبر 2013 - 1:21 ص

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تودّد الله إلي بصدق حديثك ..
شفى الله الغالية وأدامها نبراساً تُضيء لكم الحياة ، وأتمّ شفاء أبي وجميع مرضى المسلمين ..
جزاك الله خير ، هي خير ما يمكن أن أقوله ..
شكراً لكل حرف ، كان مكوثه في القلب طويلاً ..

Reply

اترك تعليقا